السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

أُحَاديُّو التَّفْكِير

ستعرض عليه وجهة نظرك، وتبيِّن له أن ثمَّة خطأ في معالجة الأمور، وأنها يمكن أن تدار بمنطق وأسلوب آخر، وسيكون أول ردة فعل من قبله؛ أن يبدي علامات الاستياء والتذمر على وجهه، وأن يتعمد إفهامك بأنه يتجاهل وجهة نظرك غير المطلوبة.

قد يكون شخصاً لطيفاً ويكتفي بالإيحاء لك بموقفه الذي ستفهمه، وقد لا يكون لطيفا فيُمْلي عليك درساً في عدم تجاوز حدودك أو ما يتوجب عليك أن تفعله، وهؤلاء أشخاص لا يؤمنون بالتفكير المشترك، ولا الشراكة في صنع القرارات.

من غير الممتع أبداً التعامل مع الأشخاص أحاديو التفكير، الذين يرفضون النقاش ويتمسكون بمواقفهم، وينظرون إلى الأمور من زاوية واحدة فقط، سواء على نحو مستمر، أو في قضية/ قضايا محددة بعينها. أو ربما.... مع أشخاص معينين فقط، لكن من المؤسف أنهم ليسوا قلَّة، وأنك، لا محالة، ستصادفهم في أي موقع تتواجد فيه، والأسوأ من كل ذلك، أن يكون بعض هؤلاء من ذوي السلطة والنفوذ، أو متخذي القرار، وهي مواقع لا يجدر بالنرجسيين وذوي الانحيازيات الذاتية تقلدها.

في البدء، لن تتمكن من تشخيص مركز المشكلة، وسيعييك الأمر كثيراً كي تفهم لماذا يصر أمثال هؤلاء على رفض الاقتناع بما هو صواب جلي؟. ولماذا يستمرون في حصد الأخطاء، تلو الأخطاء، تلو الأخطاء، دون القبول بتغيير نهجهم؟!.

قد تجرك الحال إلى الانخراط المستمر في الجدال وخوض صراعات لإثبات وجهة نظرك، وتغيير الواقع الذي تراه خطأ سائداً، ولكنك في الغالب، وفي ظل وجود المتصلبين على آرائهم الأحادية، ستفشل، وتحبط. وقد يرافق ذلك محاولات لتثبيط معنوياتك وهز ثقتك في نفسك، وقد تضطر في نهاية الأمر إلى العدول عن آرائك، أو، مغادرة المكان كليّاً.

ولأن الانسحاب هو أحد صور الهزيمة، ولأننا لسنا في رفاهية دائمة للانسحاب من أي موضوع أو موقع، فإن الحكمة تقتضي ألا نُصعِّد الأمور في اتجاه قد يؤذينا، وعلينا التثبُّت أوّلاً من عدة أمور: هل نحن على حق كامل، أم جزء من الحق؟، وهل تستحق الأمور الإصرار على المضي فيها؟، وهل نملك تكلفة خوض معارك كهذه؟

إن إجابة متروية للأسئلة السابقة ستوضح حججنا الدامغة في إثبات وجهة نظرنا، وسوف تحدد مسار معالجتنا للقضايا المختلف عليها.. وتخفف من تكلفة الخسائر، والأهم من كل ذلك أنها ستقلل من إرهاقنا، وستبقى الخطوط مفتوحة لأيّ نقاش مستقبلي جاد، أو تغير في الواقع والمواقع، فما هو غير متاح اليوم، قد يكون متاحاً غداً.