الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

رمضان هذا العام في المغرب

للعام الثاني على التوالي، يحل شهر رمضان في ظل تفشي جائحة كورونا، ونعيش أيامه المباركة في المغرب بدون طقوسه الروحانية المعتادة وعاداته الاجتماعية الخاصة، وعلى رأسها صلاة التراويح، والإفطار الجماعي، بعدما قررت الحكومة حظر التنقل الليلي من السَّاعة الثامنة ليلاً إلى الساعة السادسة صباحاً.

أمام تباطؤ عملية اللقاح في المملكة بسبب ضعف الإنتاج العالمي، ولأن صحة وسلامة الإنسان تبقى فوق كل اعتبار، اختارت الحكومة المغربية اعتماد إجراءات فيها تأهب وحيطة، لتفادي تفشي الفيروس، خاصة مع ظهور سلالات جديدة أكثر فتكاً من سابقاتها، وإذا لم تسمح هذه الإجراءات بإقامة صلاة التراويح والفجر في المساجد، فهناك الرخصة الشرعية بالصلاة في البيوت وإحياء الأجواء الرمضانية ضمن إطار الأسرة الصغيرة، وهذا ما تلتزم به الأسر المغربية في زمن الجائحة.

وإذا كانت تدابير كورونا قد أثرت على طقوس المغاربة الدينية، فهي لم تؤثر، في المقابل، على عاداتهم الاستهلاكية، فعلى الرغم من أن الجائحة قد أثرت على المدخول اليومي لفئة عريضة من المواطنين، فهي لم تثنِهم عن الوفاء بعاداتهم السنوية مع قدوم شهر الصيام، بحيث ينفق المغربي ثلاثة أضعاف ما ينفقه في الأشهر الآخر، فالأسواق والمحلات التجارية، تغص بالمتبضعين، والاقبال على اقتناء المواد والمأكولات المرتبطة بهذا الشهر، بقي نشيطاً، وإن كان بنسب أقل، تتفاوت من منطقة لأخرى.

ولأن رمضان شهر خير وكرم وعطاء، فهو شهر ينحاز فيه المغاربة إلى التضامن والبر، خاصة في هذه الظروف العصيبة، بالإضافة إلى أعمال الخير الفردية، وقد أطلقت جمعيات ومؤسسات خيرية في المغرب حملات للتكافل والتآزر هدفها الأسر المعوزة.

وكبادرة إنسانية جديدة، تم توزيع بطاقات مصرفيّة قابلة للتعبئة، تمكن المستهدفين من التزود بالمواد الغذائية المطلوبة في شهر رمضان، بما يضمن كرامتهم ويحفظ سلامتهم.

إن حفظ روح الإنسان باعتباره مقصداً كليّاً وجوهريّاً وأساسيّاً لرسالة الأديان جميعها، هو ما دفع إلى تعليق صلاة التراويح للعام الثاني، لكن هذا لم يمنع من ممارسة المغاربة لشعائرهم الدينية من صلاة وذكر وعبادة، ولم يمنع من تشبثهم بعاداتهم وتقاليدهم، بل إن الجائحة أسهمت في انبعاث كل موروثاتهم المتعلقة بالقيم الدينية والاجتماعية في مجال التضامن الاجتماعي، الذي يكون البعد الإنساني فيه هو الجوهر.

يبقى فقط أن نتذكّر أن رمضان هو شهر واحد في السنة، لكن التقرب من الله وعمل الخير والإحسان هو سلوك يجب أن يتحلى به المسلم طوال السنة.