السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

بين مديريْن

جمعني مجلس بأحد الموظفين فحدثني عن مديره الأول بأنه كان حازماً بامتياز، يتعامل مع الموظفين بصرامة وجدية، فلا مجال للخطأ، فقد يسيء الموظف لتاريخه الوظيفي بسبب خطأ يقع فيه لاحقاً، فأدت طريقة المدير إلى تسرب عدد من الكفاءات الوظيفية بسبب خوفهم من حسابه العسير، وترتب على ذلك أيضاً صعوبة إقناع المدير بخطأ بعض القرارات لضعف طرق التواصل الصحيح معه.

وتمر الأيام ويقدر الله تغير هذا المدير بمدير آخر فأدار جهة العمل بالرفق، فازدادت إنتاجية الموظفين، وسهل التواصل مع المدير العام، وجاءت لغة الأرقام مبشرة جداً بارتفاع المؤشرات وصعودها لأعلى الدرجات.

كما أكد لي بعد حديثه الطويل: أن الطريقة الثانية هي الأفضل، فهي التي تدفع الموظف لتقديم أفضل المهارات الموجودة لديه، لأنه يرى تقديراً من رئيسه، ويلمس أيضاً حرصه على إسعاده مرؤوسيه، وما ذكره صاحبي صحيح جداً، فالإدارة الحازمة لا تعني الشدة والقسوة على الموظفين فيعيش الموظف في رعب وخوف وهلع، بل الإدارة الحازمة تعني تكريم المجتهد وتعليم المخطئ ومحاسبة المقصر والمفرط بطريقة مناسبة.


فكم من مدير فذ ترك بصمة كبيرة على موظفيه، فترى الموظف يرجع من عمله إلى بيته وهو لا يخاف أن يعود للعمل مرة أخرى، وتراه يبذل من وقته وجهده الكثير لأنه يشعر بتقدير للذات، وكثير من الموظفين قد لا تهمهم الترقية بقدر ما يبحثون عن بيئة عمل مريحة.


ليت بعض المديرين ينتبه إلى قصوره في إدراك مهارات الإدارة الناجحة، ويتذكر أنه بعد تقاعده إما أن يذكر بخير أو يذكر بسوء وشر، فيتدارك من الآن، ويصحح طريقة إدارته، فالإدارة علم يتطور بمزيد من الخبرات والدراسات، لكن قد لا يُصغي بعضهم إلى نصح الناصحين، وتنبيه المحبين.

إن أخذ الموظفين بالرفق والرحمة لا يستلزم أبداً أن تدار الجهات الوظيفية بالتسيب والفوضى، فليس هذا المقصود قطعاً، ولكن المقصود سعي المدير لتميز دائرته بطرق تسعد الموظفين.