السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

الرقم الصعب

جرت العادة أن يوصف الإنسان العادي جداً بأنه مجرد رقم، فالناس حينها يُحصرون بالأعداد، وهم بالمجمل يؤدون دوراً أو وظيفة، وأحدهم لا يعدو أن يكون واحداً في المجموعة، لا يمثل ركيزة أو أساساً لا يمكن الاستغناء عنه، هؤلاء هم العاديون، ولا أعتقد أن الإنسان الطموح الممتلئ قناعة بذاته وقدراته يتقبل هذا الوصف، أو يرضى بأن يكون محض رقم.

بالمقابل، فإن هناك أفراداً، وهم الأقلية، يمثلون حجر الزاوية في المكان الذي يتواجدون فيه، وهم الرقم الصعب في المعادلة دوماً، فهم صُنَّاع الحياة، لوجودهم قيمة ولحياتهم معنى، لهم بصمة أينما حلّوا، وحضور أينما شاركوا، وأثر لا يمكن التغاضي عنه، كلما اجتمع الملأ لمسوه وشعروا بمدى وَهَجِهِ وحرارة نبضه وحضوره، وبقاء أثره.

عندما نشاهد التكريم للشخصيات الناجحة والفاعلة في حقلها ومجال تخصصها على أي مستوى، سواء في العلم أو الفن أو الأدب أو الفكر وغيرها، تلك الشخصيات التي لا تتنازل عن أن تدخل المنافسة في ماراثون الأرقام الصعبة، ولا تقبل بأقل من القمة، حينها ينتابنا شعور يحمل تساؤلاً حول المسيرة والمنهاج والآلية التي وصلت بهم إلى إحراز هذا التقدير والتقييم والتكريم، ففي مجال عمله كثيرون حاولوا وسعوا، لكن الفرق بينه وبينهم هي الإرادة والتصميم والمثابرة والاستمرارية، والأهم من هذا وذاك، هو ثقة المرء بما يملك من طاقات وملكات إبداع، منطلقه الأساسي هم الارتقاء بخدمة المجتمع، المحلي والإنساني الكوني.

الوصفة ليست صعبة، فكلنا يملك خصوصيّةً وتميزاً قد لا يتمتع به غيره، ومهما صَغُرَ شأن المرء، فإن بمقدوره إبراز هذا التميز، وترك بصمة مع الوقت والاستمرارية والمثابرة ليكن رقماً صعباً.