الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

التحكيم الدولي.. الاتجاه شرقاً

يُعدُّ التقرير الدوري الذي يصدر عن كلية كوين ماري بجامعة لندن (QMUL) بمثابة أشعة رنين مغناطيسي تكشف بوصلة توجهات مجتمع التحكيم الدولي وخياراته وأولوياته.

مؤخراً صدر التقرير في نسخته الثانية عشرة، بعنوان «مواءمة التحكيم مع عالم متغير»، وسط واقع جديد واحتياجات متغيّرة لأطراف المنازعات، ويسترعي الانتباه ثلاث وقفات يحملها التقرير بعد تحليل ردود أكثر من 1200 مشارك و198 مقابلة شخصية لمتخصصين يمثلون 53 مدينة حول العالم، ليكون التقرير الأضخم من نوعه منذ إصدار 2006.. الوقفة الأولى: السرعة التي يتقدم بها «النمر الآسيوي» سنغافورة في استقطاب التحكيمات الدولية، فبعد أن نالت نسبة 19% في عام 2015، ثم 39% عام 2018، ها هي اليوم تحصد نسبة 54% من ردود المشاركين بوصفها أفضل مقر للتحكيم، لتنافس لندن التي حصلت على النسبة نفسها هذا العام، وبالتوازي قفزت هونغ كونغ بـ(22%) عام 2015 إلى (50%) هذا العام، لتتقدم بنسبة 100% خلال (6) سنوات، ما يجعل آسيا مقبلة بكل جدارة في حصتها من التحكيم الدولي، خاصة أن المشاركين في الاستبيان لم يتم توجيههم نحو اختيارات بعينها، لكنهم قاموا باختيار نحو (90) مقراً للتحكيم حول العالم من تلقاء أنفسهم، ما يعزّز موثوقية التقرير.

الوقفة الثانية عنوانها «إن لم تتقدم، حتماً تتقادم»، فقد أحرزت خمس مقرات للتحكيم مكانة متقدمة في سباق المقرات، وحجزت مقاعدها ضمن قائمة المقرات العشرة التي تم تصنيفها هذا العام، والملاحظ أن تلك المقاعد الخمسة جميعها تقع في قارة آسيا، وجاءت على التوالي: سنغافورة، هونغ كونغ، بكين، شنغهاي، وأخيراً دبي.. وهنا يثار التساؤل: هل حقاً ستنتقل الريادة في مقرات ومراكز التحكيم الدولي من الغرب إلى الشرق في السنوات المقبلة؟


الوقفة الثالثة: لا ريادة تحكيمية من دون قضاء مساند للتحكيم، فقد خصَّ المشاركون دُور «المحاكم المحلية للدولة» في التحكيم، من حيث المساندة وسرعة وفاعلية تنفيذ الأحكام، وتفسير مواد القانون، وفق غايات شريعة التحكيم بمفهومها الدولي، لتصل إلى نحو (75%) من بين عوامل أخرى تمثل أولويات في اختيار مقرات التحكيم.


أمامَ منطقتنا فرصة ذهبية لتعزيز فاعلية «القضاء» في مساندة التحكيم الدولي عبر بناء مسارات تكامل بين «القضاء» و«التحكيم» برؤية استشرافية لدعم المستهدفات الاقتصادية والاستثمارية.. وما سنغافورة وهونغ كونغ عنّا ببعيد.