السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

مشاعرنا في زمن الأزمات

كلنا تأثرنا بأزمة جائحة كورونا، فمثلما كان لها تداعياتها الاقتصادية الكبيرة، كانت لها أيضاً تداعياتها النفسية/ الإنسانية/ الأخلاقية علينا، التي وضعت كل علاقاتنا تحت المجهر مجدداً، لتقييمها ضمن ضغط كوروني متعدد الأبعاد، أربك حكومات عظمى.. فكيف بمشاعرنا نحن البشر؟!

عبارة لي قد كتبتها سابقاً، وهي: «من الصعب جداً أن تدخل في مواجهة مع شخص تحبه»، لأنها حتماً مؤلمة، ولأنك تعلم يقيناً، بأنّ المواجهة في ميزانك ما هي إلاّ «عتاب مُحب»، ولكنها في نظر الطرف الآخر هي محض محاكمة، وكأننا فقدنا حصانتنا العاطفية!

إلى اليوم، لا نزال نتحايل على ذلك الخوف الذي يذهب ويجيء، للمحافظة على سلامتنا، وسلامة أحبتنا، ومحاولة التعايش مع مزاج فيروس قاتل، ولكن على الصعيد الشخصي كلٌّ منا كان يخوض معاركه الخاصة، يومياً، وربما بطاقة لا تتكافأ مع ثقل، وحجم تلك التبعات، ولا سيّما الاجتماعية منها، والأسرية، والمهنية، والمادية، غير أن الجانب الإنساني/ العاطفي/ الاجتماعي، يبقى هو المحك الذي ما أن ثبت فيه سقف قيمنا الأخلاقية، ومصداقيتنا، ومدى إيماننا بها، نكون قد انتصرنا لأنفسنا أولاً، ولقيمنا، ولثوابتنا في الحياة ثانياً، لأن في حقيقته هو مخاض لكشف جوهرنا الإنساني، والأخلاقي، الذي يتبدَّى من خلال تعاملاتنا الإنسانية في فترات الأزمات.

كان ولا يزال هناك سؤال يتردد في بالي: تُرى ماذا يمكن أن تغيّر هذه الأزمة أخلاقياً في الناس على المدى البعيد؟

فيخالجني شعور، بأن هناك حالة أشبه بــ«التداعي الكوروني الاجتماعي»، خلخلت معظم علاقتنا الإنسانية، أو بالأصح «عرّتها على حقيقتها»، فهناك من انزوى في تباعده؛ منغمساً في همه ومسؤولياته اليومية، ولكنه، رغم انقطاعه عنك تعلم بأنك في باله، وفي قلبه، وفي دعائه.

والبعض الآخر، وبالرغم من مواقفك الجميلة معه، وتقديرك له، يكاد أن يحمّلك ذنب الجائحة، وتداعياتها بأكملها!

فالبعض، وكأنه قد أصيب بـحالة «استشراس كوروني» دون أن يشعر بذلك، يشعرك بذنب لم تقترفه معه، يُحمّلك وزر وعبء ووجع كل منعطف، وكل إخفاقة، وكل خسارة تلقاها في حياته، وأنتَ «خالي البال»، لتصل إلى قاعدة ذهبية، بأنّ ما لم يثبت لك حقيقة جوهره، ومصداقيته في زمن الأزمات، فلا تعوّل عليه كثيراً!