الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الإلكترون الشارد

في ربيع 2021 تصاعدت الأزمة بين اليابان والصين، على أثر تداعيات انفجار المفاعل النووي الياباني في فوكوشيما قبل أعوام.

لدى اليابان (100) مليون طن من مياه فوكوشيما النووية.. إنها مياه ملوثة «جزئياً»، ولا يعرف العلماء - حتى الآن ـ كيفية تنقيتها تماماً، فلا يزال عنصر «التريتيوم» المشع غير قابل للإبعاد.

وحيث لا توجد تكنولوجيا تحلُّ المعضلة، رأت الحكومة أن يكتفي العاملون بمنطقة المفاعل بتمييع المياه، وخفض تركيزها، ثم القيام بتصريفها في المحيط الهادي.


ترى الصين وكوريا الجنوبية ودول عديدة حول العالم: أنّ خطة الحكومة اليابانية الخاصّة بتمييع المياه ثم تصريفها خطة خطيرة، وتدعو للفزع، إذ أنها تمثِّل خطراً على الحياة البحرية والمأكولات وصحّة الإنسان، ثم كان أن قامت الخارجية الصينية بتصعيد لهجتها إزاء الخطة اليابانية.


وقال المتحدث الرسمي: إذا كان رئيس الوزراء الياباني يرى أنّه لا بأس من شرب هذه المياه، أقول له: «اشرب أنت منها من فضلك»، ومع ذلك لا ترى وكالة الطاقة الذرية خطراً من الخطة اليابانية، لكن الصين وآخرين لا يزالون يرونها خطراً كبيراً.

لقد أدت حوادث تشيرنوبل في الاتحاد السوفيتي، ثم فوكوشيما في اليابان إلى القلق المتزايد من الطاقة النووية، لكنّ القلق لا يمنع حقيقة أساسية في معضلة الطاقة، وهي أن النفط والغاز إلى زوال، وأن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح تظّل موسمية، وليست متاحة في كل مكان، وأنّ الطاقة التي يمكنها أن تحلّ المعضلة هي الطاقة النووية.

وسط الجدل بشأن الطاقة النووية، وعزوف دول كبرى مثل ألمانيا عنها، جاء علماء في جامعة سويدية بأنباء جيّدة للغاية بشأن الاندماج النووي.

تنشأ الطاقة النووية بطريقتيْن: الانشطار النووي أي تقسيم الذرات، والاندماج النووي أي جمع ودمج الذرات، في الاندماج يتم جمع نواتيْن خفيفتيْن، هما في العادة من الهيدروجين، وتحت ضغط عالٍ للغاية، ودرجة حرارة أسطورية، تفوق درجة الحرارة في مركز الشمس، يتم توليد الطاقة النووية.

للاندماج النووي مزايا عديدة، فهو يوفر طاقة نظيفة، يكون انبعاث الكربون فيها صفراً، وهي طاقة دائمة ليست موسميّة، إذْ تستمد وقودها من مياه البحر، ثم إنها طاقة هائلة، فهي أكبر بعدة مرات من طريقة الانشطار النووي.

في مايو 2021 نشرت دورية «فيزيكال ريفيو» بحثاً مهماً للغاية لعلماء من «جامعة تشالمرز» السويدية.. حيث جرى ابتكار طريقة لكبح جماح الإلكترونات الشاردة، يقوم الابتكار على ضخّ «أيونات ثقيلة» في شكل غاز أو حبيبات، داخل المفاعل، فتقوم بالاصطدام بالإلكترونات الجامحة وإبطائها.

إنه كشف علمي كبير، وسوف يفتح الباب واسعاً لجيل جديد من مفاعلات الاندماج، دون الخوف من تلف أو انهيار المفاعل، بعد قمع الإلكترونات الجامحة، ووضع حدّ لانفلاتها.

رغم كل المخاطر التي تمثلها الطاقة النووية، لا تزال هي المستقبل.