الحاجة إلى اللطف

اختارت مجلة نيويوركر الأمريكية صورة معبرة لغلاف عددها الأخير، تظهر فيها عائلة صغيرة تقف داخل غرفة مظلمة، وينزاح الباب قليلاً، لتلوح من خلفه صورة الحياة المشرقة في الخارج، في إشارة منها إلى قُرب انجلاء الجائحة، وعودة الحياة إلى طبيعتها المعتادة.

غلاف جميل، رغم السواد الذي غطى مساحة كبيرة منه، لكن النور المنساب من فتحة الباب، يملأ النفوس بالأمل، وما أحوجنا اليوم للأمل، وللتفاؤل بغد أجمل، يعود فيه الناس إلى أعمالهم، والأطفال إلى مدارسهم، وحركة الطيران إلى طبيعتها، والأسواق إلى نشاطها المعهود.

لكن إلى جانب الأمل والتفاؤل، نحن بحاجة ماسة إلى اللطف، اللطف في كل شيء، في الكلام والتعامل والنقد والعتاب، واللطف حتى في المساءلة، فالنفوس اليوم متعبة جدّاً، وليس بمقدورها تحمل المزيد من الغلظة والفظاظة.

قبل أيام سمعت أحد رواد الأعمال الشباب يتحدث عن الظروف الصعبة التي مر بها خلال الشهور الأخيرة، ويقول بامتنان كبير عن موظفيه: «في كثير من الأحيان كنت أضطر إلى تأخير صرف أجورهم الشهرية نظراً لعدم توفر السيولة، وعندما كنت أفاتحهم بالأمر كانوا يسارعون إلى تقدير الموقف، ولا يبدون أي امتعاض»، وبعد صمت قصير، أكمل قائلاً: «ستعود الأمور إلى سابق عهدها في القريب العاجل، وسأعوضهم عن كل شيء».

هذا ما نحتاج إليه بالضبط اليوم، إلى طرف يتفهّم الظروف، وطرف آخر يقدر هذا التفهم، ويبيت النية لتعويض الطرف الأول عن أيِّ ضررٍ لحق به.