الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

يا أيُّها الإنسان.. اعرف نفسك

عنوان المقال مأخوذٌ من مقولة وجدت على معبد دلفي اليوناني، وهي منسوبة إلى الفيلسوف سقراط الذي كرس أفكاره للحديث عن الإنسان.

والدعوة لمعرفة الإنسان لنفسه تتكرر في فترات مختلفة، فقد ذكر الفيلسوف الصيني كونفوشيوس قبل سقراط بقرنين مقولة تتطابق تقريباً مع ما ذهب إليه سقراط وغيرهما من الفلاسفة الشرقيين في الألفية التي سبقت ميلاد المسيح، نظراً للتحولات التي جرت آنذاك، وأدت لتراجع التفكير الأسطوري. ثم جاءت العصور الوسطى، وأعادت تعريف الإنسان لنفسه من خلال الأديان السماوية، وتلاها عصر العلم الذي ‏غيَّر واقع الإنسان والمعرفة الإنسانية، وفرض عليه أن يعيد معرفة نفسه في خضم التحولات الحضارية الكبرى.

وفي عالم اليوم يعود سؤال: من هو الإنسان؟ إلى الواجهة وبقوة بسبب التطورات التكنولوجية الجارفة التي ستوجد عالماً جديداً سيكون وقعه عظيماً على الإنسان هذه المرة‏.


ومعظم التطورات السابقة كان الإنسان فيها الفاعل الأهم، واستطاع من خلال قدرته وإمكاناته التأقلم معها، ‏لكن التطور الحالي سيكون عصيباً، وربما يدخله المرحلة التي يطلق عليها ما بعد الإنسانية.


فإذا كان العلم واكتشافاته ساعدت الإنسان على فهم الطبيعة والتغلب على معظم مظاهرها، فإن التكنولوجيا تستهدف الإنسان بالدرجة الأولى وتقلص من دوره في الحياة.

لقد حلت التكنولوجيا محل الإنسان في الصناعة والعمل الإداري بشكل كبير، ‏وسيأتي اليوم الذي يحل فيه الذكاء الاصطناعي محل عقل الإنسان، كما أن التكنولوجيا تدخل اليوم مجال الإبداعات الفنية، وأسقطت النُّخب الفكرية، وأحدثت تغيرات اجتماعية عميقة، وفي طريقها إلى إحداث تحولات ثقافية جذرية.. فكيف يستطيع الإنسان معرفة نفسه في عالم ‏وثقافة ليست من صنع الطبيعة أو صُنْعه؟