السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

الارتباط.. الرغبة والغاية

لكل إنسان مفاتيح من خلالها يمكن للآخر معرفة شخصيته، وهي تساعد على فهمه، واختراق عقله، وقلبه، ومن لم يستطع أن يمسك بمفاتيح من يحب، فستبقى سعادته ناقصة، وقد يغيب الرضا، والانسجام عن علاقتهما.

فمثلاً العلاقة الزوجية، منذ البداية، إن لم تكن عن اقتناع بأن الزواج «عقد محبة وليس صكّ ملكية»، وبتوافق إرادتي العقل والقلب معاً، فلن يصمد الارتباط طويلاً، ولكن قد يحدث مع إجماع الإرادتين من قِبل الشريكين أن تظهر بعض الإشكالات التي قد تهز إحدى الإرادتين، وتُدخل العلاقة في دوامة من الخلافات، ومرحلة البيات العاطفي، ما قد يفضي بهما إلى الانفصال، وهي مرحلة تتطلب الصبر، والكثير من الحكمة للخروج منها.

قد تتلاشى شيئاً فشيئاً تلك الإشكالات إذا حرص كل شريك على امتلاك مفاتيح الآخر، وتجاوز الأقفال المكسورة، والتغاضي عنها، وصرف النظر عن محاولات كسرها لأنها بلا مفاتيح، فإذا كان أساس الارتباط هو غاية توّجها الحب، فالأمر يصبح هيناً لا محالة، بينما إذا كان الارتباط هو نتاج رغبة مدفوعة بحب التملك، فإنه معرّض للانهيار بمجرد وقوع «الملكية»!.

وقد تتبدّى مؤشرات رغبة فض الشراكة بالانقلاب الدراماتيكي، المفاجئ، بعد فترة من عمر الزواج، بتبدل تعامل الشريك كالإهمال، المتعمد، والتقصير في الواجبات الزوجية، وافتعال الخلافات لتأزيم العلاقة والانتهاء بها إلى الانفصال، وجميعها دلائل صريحة على انقضاء الرغبة من العلاقة.

تُرى ما مدى تأثير دافعي«الغاية والرغبة» في ثبات مؤسسة الزواج من عدمه؟.. لاشك أن لهما تأثيراً كبيراً وجوهريّاً في علاقات الزواج، فقد تكون الرغبة أمراً مفروغاً منه وطبيعياً حينما تجيء بعد الغاية، ولكن حينما تصبح هي الدافع الأوحد للحصول على ما تريد فهنا تصبح عملية «تشييء» أو «تسليع» للارتباط، فالرغبات من خصائصها أنها تتوالد كأي عملية ميكانيزمية بحتة تنقضي فور الحصول عليها، بينما الغاية تبقى غاية وهي أقرب منها للحلم.. للأمنيات الغالية التي تتطلب منا السعي وربما التضحية لكي نحصل عليها.

في مشاريع الزواج كي تبدأ بداية جادة، وحقيقية، عليك أن تعلم أن عربة الزواج لا تسير إلى الخلف، ولا يمكنك فتح نافذة جديدة في حياتك وهناك ألف باب لا يزال موارباً على ماضيك لم يغلق بعد!.