الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

تقييم الذات..عملة صعبة

إن الإنسان الذي يقيّم نفسه بإيجابية هو المتعاون المعطاء بالدرجة الأولى، وإن قدرته على نكران الذات تعود إلى الحاضنة الاجتماعية الأولى التي تربى فيها، والتي غالباً ما يكون تأثيرها قاطعاً بالنسبة لتكوين شخصية الفرد، حيث يمكنها صناعة إنسان متعاون مسامح، في هذا السياق، فإن بناء النفس رحلة طويلة وإن أراد أن ينجز هذه الرحلة بنجاح فعليه أن يستمر متجهاً نحو بناء سليم للقيم والفكر ومنظومة العمل والاستعداد الدائم لتقدير الذات من أجل تقديم الأفضل في الأعمال وغيرها، وغالباً ما يعود هذا النوع من التقييم بسعادة غامرة على من يؤديها تجاه نفسه ودون الحكم على الآخرين.

ومعظم الأحيان يكتسب المرء سماته من محيطه العائلي والاجتماعي، حيث يكون الإنسان أكثر فهماً لقيمته في بناء المجتمع وأكثر استعداداً للقيام بالتضحية من أجل الآخرين، هذه هي المزايا التي يتحلى بها الفرد والمجتمع الناجح، إذ يتحلى أفراده بأكثر القيم إيجابية، وقد يتجه البعض إلى أن الفرد يستمد تقديره الذاتي من الآخرين، فيجعل قيمته الذاتية مرتبطة بنوع العمل، أو بما لديه من مال، أو إكرام وحب الآخرين له، وهو من غير شعور يضع نفسه في إطار ضيق وعلي حافة هاوية خطيرة لإسقاط ذاته بمشاعر الإخفاق، وهذه ذات ضعيفة، لأن التقدير والاحترام له ينبع من مصدر خارجي وخارج تحكمه.

فحقيقة الاحترام والتقدير للفرد تنبع من النفس، إذ إن الحياة لا تأتي كما يريد فالشخص الذي يعتمد على الآخرين في تقدير ذاته قد يفقد يوماً هذه العوامل الخارجية التي يستمد منها قيمته وتقديره، وبالتالي يفقد معها ذاته الأشخاص الواثقون من ذواتهم تجدهم سريعين في الاندماج والانتماء في أي مكان كانوا، فلديهم الكفائية، والشعور بقيمتهم الذاتية وقدرتهم على مواجهة أي تحدٍ.


وعندما يجعل الشخص تقييمه لنفسه عنوانه كالعملة الصعبة يكون ضمن أولئك الذين هم أكثر قدرة على السيطرة على أنفسهم والتحكم في حياتهم، وهم الأكثر إنتاجية، والأكثر سعادة ورضى، وليس بالضرورة أن يعتقدوا أنهم الأفضل، ولكنهم متفائلون واقعيون، وأقوياء في مواجهة العثرات.


والاختبار الحقيقي لتقدير الذات هو أن يفقد المرء كل ما يملك، وتأتي كل الأمور خلاف ما يريد، ومع ذلك لا يزال يعتدّ بنفسه ويقدرها، ويختار لها الطريق المحفز لبناء التقييم الذاتي من الثقة بالنفس.