الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

التَّطوّع.. والسبيل إلى المعنى

ينشغل الإنسان بذاته وباحتياجاته منذ ولادته، فالطفل يبكي عند إحساسه بالجوع أو التعب، ويبدأ في إدراك نفسه والمحيطين به الذين يسدّون له احتياجاته.، كما أنه يعرف أن الأخذ والعطاء مكيالان أساسيان في الحياة، فيصبح الأخذ ملازماً لذهنه حتى يكبر، ثم يُدرك أن العطاء من أرقى أشكال التعبير عن الوجود والإحساس بالذات، أكثر من كونه واجباً أو فرضاً في عملية تداوليَّة تقوم على حسابات أو مصالح مدروسة.

وهنا تكمن أهمية التطوع وجماليته في الوقت ذاته، فهو تعبير عن الوجود، والبحث عن المعنى الكامن في الأشياء، وأحياناً لذوات الأشخاص مهما بلغت أعمارهم، ومهما تنوّعت خلفياتهم الثقافية والعرقية. فإلى جانب الصحة العقلية والبدنية العالية التي يمكن التمتّع بها بفضل التطوّع، وإلى جانب خفضه لمعدّل الوفيات، فقد أثبتت الدراسات أيضاً أن التطوّع يمكنه أن يحفّز الشعور بالرضا عن الذات، وهو شعور نابع من العثور على هدف ومعنى للحياة، كما يمكنه توفير ذات المتعة والفائدة التي يجنيها الشخص من عمله، من خلال الممارسة والخبرة المهنية التراكمية للمتطوّع.

فالتطوّع إذاً وسيلة وقائية وعلاجية ضرورية، وعلى كل إنسان الاستفادة منها لاكتشاف جوانب مختلفة عن ذاته ومجتمعه وحياته منذ سنٍ مبكّرة، ليُصبح التطوّع ثقافة متأصلة لدى كل فرد في كل وقت وتحت أي ظرف، لا مجرّد وسيلة لتمضية وقت الفراغ.


ومن المهم أن يتم فتح المبادرات التطوعية والإعلان عنها باستمرار لتذكير الناس من مختلف الأعمار والمشارب بأهمية التطوع وفوائده، والاحتفاء بالأفراد المتطوعين على وسائل التواصل أو الإعلام، والاستفادة من تجاربهم وخبراتهم في هذا المجال، لاستمرار نشر ثقافة التطوّع، وتقديرها في المجتمع.