الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

«مثل مثل».. الشبه والتأكيد عند العرب

«مثل مثل» هو المصطلح الكويتي الذي يعني (يشبهه تماماً) وقد تأثر به غالبية أهل الخليج فباتوا يستخدمون ذلك المصطلح للتأكيد على شبه شيء بنظيره أو بشيء قريب منه، و كذلك وصف حال الشخص الذي لا يتبدل - من باب التهكم ـ والمعنى الأقرب للمصطلح (أنه يشبهه تماماً) أو (متطابقان) أو (متشابهان).

أطرق هذا الموضوع اليوم لأني كنت مع زميلة عمل تونسية نتحدث في بعض أمور العمل فَذَكَرْتُ أمامها شيئاً دارجاً هنا في الإمارات العربية المتحدة مشابهاً لما ذكرته هي في تونس فردّت عليّ «كِيفْ كِيفْ».. فضحكت!

فبادرت لتُفهمني المعنى، قلت لها إني فهمت لكني تذكرت أهل الكويت وهم يستخدمون مصطلح (مثل مثل).


قبل سنوات ليست بالبعيدة أيضاً دار هذا الحوار بيني وبين صديق مغربي كنا نتحدث في موضوع معين، وعندما وصلنا إلى نقطة تشابه مؤكدة قال على الفور «بْحَال بْحَال» فكان المشهد شبيهاً بالمشهد السابق حيث تبسمت، فوثب ليفهمني قصده، لكني طمأنته بأني فهمت لكنّي مستغرب من تشابه الاصطلاح والتكرار التأكيدي لدى العرب رغم اختلاف الكلمات واختلاف اللهجات.


الصديق ذاته هاتفته مساء ذلك اليوم، وأخبرته بأن زميلة تونسية تستخدم مصطلح كِيف كِيف وهم يستخدمون بحال بحال، فرد قائلاً: نعم لكننا أيضاً نستخدم كيف كيف في بعض المناطق، لكن الدار البيضاء وما حولها يستخدمون بحال بحال.

الشاهد بأن الهنود الذين قدموا إلى الخليج استخدموا كلمة (سايم) الإنجليزية ليعبروا عن المعنى ذاته وهي تلفظ عندهم (سايم سايم) ،Same same لكنها أصبحت دارجة الآن عند الغالبية من الجنسيات الآسيوية لتأكيد مقاربة شبه شيء بشيء مماثل.

العاملون في حقل التراث الثقافي يذكرون دائماً بأن التراث ينقسم إلى ثلاثة أقسام، تراث محلِّي صرف، وتراث قومي أو إقليمي، وتراث إنساني، التراث القومي أو الإقليمي يمكن تشبيهه بالتراث العربي الذي به كثير من القواسم المشتركة، ونجد أن الإقليمي يمكن تقسيمه أيضاً إلى أقاليم أصغر مثل إقليم الخليج العربي وإقليم الشام وإقليم المغرب العربي وهكذا، لكن الأهم من ذلك كله هو التراث الإنساني الذي تجد له متشابهات بين جميع الأمم والمجتمعات الإنسانية.