الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

الانقطاع عن «أوكسجين» التكنولوجيا

قبل أيام حدث عطل دولي كبير في خدمة الإنترنت، وتضررت ما لا يقل عن 500 شركة أمريكية وأوروبية في الطيران والاتصالات بضع ساعات، وعاشت تلك الشركات شعور الفناء والانقطاع عن الحياة، لحظة فقدها الأوكسجين الذي تتنفسه.

هذا يُحيلنا إلى إلقاء نظرة على طبيعة عمل الشركات قبل أكثر من 50 عاماً، كيف كانت البدائل في تصريف شؤون العمل عبر وسائل اتصال أخرى تستغرق وقتا أطول، لكنها كانت أقل دفعاً للخسائر عند حدوث أزمات في انقطاع خطوط الاتصال التقليدية.

هذا الكلام لا يدعونا أبدا للنكوص نحو عالم الماضي الذي تجاوزته ابتكارات الحضارة الحديثة، بل إنّه لا مجال ولا خطوط رجعة عن التقدم إلى الأمام بالرغم من مجهولية المآل في بعض الأحيان، لا سيما لدى الأوساط غير المنتجة للتكنولوجيا والمعتمدة على الآخرين.


إنّ تعقد برمجيات الكومبيوتر التي تدخل في صلب طبيعة الحياة اليومية وضع العالم أمام فوائد ذات حدين، خاصة في التصدير إذ يتطلب علاج الخلل إعادة جميع الأجهزة إلى المصدر الأساس المُصنّع لها أو تعويضها ببدائل سليمة ذات تكلفة جديدة مضافة، وفي الحالتين هناك خسائر هائلة في سياق الحفاظ على الخصوصية والملكية الفكرية وعدم التفريط بأسرار تصنيع المنتج الإلكتروني لدى الدول المستوردة له.


ورأينا قبل أيام أنَّ شركة تيسلا العملاقة في صناعة السيارات الكهربائية سحبت 285 ألف سيارة من الصين لخلل في برمجية الكمبيوتر الموجّه لنظام تشغيلها خشية أن يتسبب بحوادث ممكنة، وهي عملية ضخمة للغاية من أجل إرجاع سلعة وتصليحها، لأنَّ التفريط بسمعة الشركة له أثر أسوأ من الخسارة التي ستنتج عن عملية إعادة السيارات وتصليحها ثم تصديرها مجدداً.

ربما نكتشف العلاقة المزدوجة مع التكنولوجيا أحياناً على صعيد شخصي، حين يحدث خلل في برنامج الهاتف المحمول ويتم إتلاف جميع الوثائق المدونة، ومنها أرقام جهات الاتصال، ليجد المرء نفسه منقطعاً عن العالم في لحظة واحدة، وربما منقطعاً عن أفراد عائلته، وهو قد تخلّى منذ سنوات بعيدة عن كتابة أرقام الهواتف في قائمة ورقية، كما أنّ ذاكرته غدت كسولة، ولم تعد معتادة على الحفظ، وهنا تبرز مشكلة استعادة المعلومات.

إنَّ هذه الاحتمالات الطارئة لا يجب أن تكون دافعاً للتشاؤم والارتداد عن المضي في التعاطي مع منتجات العصر، لكنها قد تكون حافزاً للتفكير بالبدائل الضامنة، حتى لو قمنا بوضع حد أدنى من البدائل التقليدية التي نستطيع من خلالها استعادة المفقودات، والشروع من جديد.