الأربعاء - 17 أبريل 2024
الأربعاء - 17 أبريل 2024

نساء «فوزية أبو خالد».. وأكثر

لا يمكنني أن أكتب عن عالم النساء دون أن تحضرني قصيدة المبدعة فوزية أبوخالد: "أي فردوس انسل منه النساء.. وسكبن السراب على سبات السابلة.. نهرّب ماء السماء في سواد المساء.. نقطّر شمساً نحاسيّةً على شحوب الصحراء.. نشك الأصابع بماء العسيب."

النساء اللاتي كتبت عنهن الشاعرة الخارجة عن قانون بيئتها وتقاليدها والأسوار الشائكة، هن نساء فريدات مثقفات لا تنحني أرواحهن لمصاعب الحياة ولا تيأس قلوبهن من الحب، هن يستمطرن القلب أشواقاً حييّة، والوقت صبراً جميلاً والطرقات وطناً يبدِّد وحشتهن.

أولئك النساء اللاتي وصفهن نابليون بأنهن بيد يهززن سرير أطفالهن، وباليد الأخرى يهتز العالم، فهذه الشريحة من النساء تناضل لأجل حياة لا تشبهها حياة ولا تقبل الهزيمة، وعلى امتداد التاريخ هناك قصص لنماذج منهن خلدهن التاريخ، وكانت لهن بصمات في مجالات الحياة المختلفة، وإن كن أسيرات لعالم ذكوري طغى على عالمهن الوردي ولونه بأقدار قاتمة.

الفيلم "الزوجة" «the wife» الذي كان مرآة صادقة عن حال المرأة في ستينيات القرن الماضي جسدته الممثلة المبدعة «غلين جلوز» التي صورها الفيلم ظلاً للروائي الأمريكي الفائز بنوبل عام 1992، والتي وُئِد طموحها في مهده، وقد تخلت عن عالم الكتابة أو التصريح باسمها بسبب سيطرة الرجال على المشهد آنذاك، لكن المفاجأة أنها وقت تسلم زوجها الذي كتبت رواياتها تحت اسمه نال ما ناله من مجد هو لها، لم تستطع أن تكمل مهزلة إهمالها على حساب نفسها، وهي المرأة التي قدمت كثيراً من التضحيات، والتي كانت تتقبل نزواته، وتتحمل أعباء المنزل، وخدمته على أكمل وجه، فتحولت شخصيتها تحولات عاصفة غيرت مجرى الأحداث، وانتهت بنهاية لم تكن متوقعة.. نهاية عاصفة تشبه روح تلك المرأة المتعبة التي تحدت واقعها المرير.

لا تهمني المظاهر الخادعة في احترام المرأة "ladies first” مثلاً، أو أولئك الرجال المدعين لحقوقها، كما أنني لست مع مؤسسات أو تصنيفات وضعت المرأة في عالم لا يليق بأنوثتها أو طبيعتها، وأنا في نفس الوقت لا أرضى لها الهوان والاستسلام أو واقعاً لا يشبهها أو يلبي طموحها، أو شعارات تطالب بالمساواة التي قد ترهقها؛ لكنني مع المرأة التي تحصد ما تزرعه وتجني ما اجتهدت لأجله، المرأة "التي لا تترك أشرعتها تخطفها الريح، وتمازج الطوفان بأطياف تطير، تلك التي تورق قامتها، وتخضر غاباتها وتهيئ الكف للحناء.. توضئ جرحها بالملح وتنفض في الصباح - كما تقول أبو خالد ــ غزل المساء.