الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

متى لا تكون «متسامحاً»؟

«كل شيء يزيد عن حده، ينقلب إلى ضده»، مثل ما هو متداول لدى كثير من المجتمعات ولو اختلفت الصيغة، لتشترك في معنى واحد يندرج تحت بند «لا إفراط ولا تفريط»، فالمبالغة في أيّ شيءٍ تميل إلى التطرف فيه، ويتحول من صفاته المحمودة إلى خراب وإغراق ينسف أنسجة الحماية في معايير وقيم بنيت على أسس إنسانية متوازنة.

التسامح والتنوع وما يتربط بهما من مفاهيم تدعو إلى تقبل الآخر والتعايش معه، عادت على المجتمعات بفوائد جمّة، هذبت الأفراد والجماعات كأن قلصت من أشكال العنصرية وممارسات التمييز التي تقوم على اضطهاد وتهميش فئات أشخاص ومجموعات لأسباب منها العرق أواللون أو الدين أو الثقافة، وتواصل السعي لتقليص الفجوة بين المنتفعين والمحرومين وهنا يطول الحديث ونخصص له مقالاً آخر.

لكن حينما يتحول هذا التسامح إلى تساهل يمس المنظومة الأخلاقية والقيمية في المجتمعات بحجج الانفتاح على الآخر نحتاج هنا إلى وقفة تمعن في هويات تنحل نتيجة التبني التام لفكر ومعتقدات الآخر والانتزاع الكلي من الانتماء للفرد والجماعة، ويبدو هذا جليّاً في سلوكيات وتعبيرات بعض الفئات التي ارتمت في أحضان أفكارٍ مستوردة بحجة الحرية والمساواة التامة وغيرها من المصطلحات التي تناسب مجتمعات وتتنافى مع أخرى.


أن تكون متسامحاً لا يعني التخلي عن إرثك القيمي، فحتى الآخر يستغرب من دفاعك المستميت عن قضاياه أكثر منه، ويستغرب من انتزاعك عباءة أعرافك المتوازنة وهويتك الأصيلة التي تؤصل مبدأ الاختلاف والتنوع فكما يقول المثل: «الظفر ما يطلع من اللحم».


وقد قالها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة: «التسامح مرتبط بالهوية الوطنية الإماراتية».. فلا إفراط ولا تفريط !