الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

كيف تفهم الوقت ولا تكون ابنه؟!

الوقت مؤثر خفي لا يكاد يستوعب كنهه إلا قليل من الناس، فكثير منهم يعتقد أنه يساير الوقت بدعوى أنه يفهمه، لكن مع تطور عمره يكتشف أنه لم يساير الوقت بل كان يسير معه، فمسايرة الوقت لا تعني أن تسير معه فقط، بل أن تسير معه ويسير معك، فتغلبه تارة ويغلبك تارة أخرى، على أن تكون الرابح في نهاية العمر.

الوقت خطير ومؤذٍ إذا لم نتنبّه له، وقد قيل في الأمثال: الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، وهو تعبير عن أهمية استغلاله وعدم التفريط فيه، لأنه قاتلك إن فرطت فيه، وهناك كثير من الأمثلة الماثلة أمامنا في الحياة، حول أولئك الذين فرطوا في الوقت فضاعت حياتهم.

ولو بحثنا في المعاجم عن معنى الوقت سنندهش من تلك المعاني، ففي معجم الوسيط، الوقتُ هو مِقدار من الزمان قُدِّر لأمر ما، والجمع أَوقاتٌ، وهذا هو المعنى المباشر والرئيسي، لكن نجد في معجم «الغني» معانيَ أخرى، مُوَقَّت مفعول من وَقَّتَ، وَقْتٌ مُوَقَّتٌ أي مَوقوت، وَقْت مَضْبُوط أي مُحدَّد، وعمل مُوقَّت أو مُؤقَّت أي عمل غير دائم، عابر، وأيضاً مُوَقِّت فاعل من وَقَّتَ، كقولهم مُوَقِّتُ الصَّلاَةِ (مُؤَقِّتٌ) مَن يُحدِّدُ وقتَها، ومُوقِّتُ المدينة (المُؤَقِّتُ) هو عالِم بحركات الفلَك والمُحَدِّدُ لظهورها وزمانها.


و في الغني ورد أيضاً في معاني الوقت، بَقِيَ وَقتاً عنده أي مِقداراً من الزمن، جاء في الوقت الْمُناسب أي في اللحظة المناسبة، وقت الغداء أي ساعته وزمنه المُحدَّد، في الوقت الحاضر أي في الأيام الحاضرة التي نعيشها، أي في الزمن الحاضر، من وقت إلى وقت آخر أي من فترة إلى فترة، أوقات السنة أي فصولها، جاء في وقْته أَي جاء ملائماً ومناسباً، والعكس في غير وقته، سينسى مع الوقت أي تدريجيّاً، لوقْته لساعته أو فوراً، فات وقته أي أنه في غير زمانه، قتل الوقت أي إنفاق الزمن الذي أنت فيه فيما لا فائدة فيه، وقت الفراغ أي فترة التّسلية، هو ابن وقته أي من يعيش زمنَه ولا يحسب حساباً للمستقبل.


لكن في الأخير كما نرى، يجب ألا يكون الإنسان ابن وقته فقط فيعيش زمنه دون أن يحسب حساباً للمستقبل، فيضيع عمره بلا فائدة ولا أثر.