السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

الشطط.. مدحاً وذمّاً

في لقاء جمعني مساء الخميس الماضي بأحد المثقفين، وردت على لسانه كلمة استوقفتني طويلاً، ودفعتني إلى تذوق مفردات لغتنا العربية، وإسقاطها على الظواهر الاجتماعية التي تطفو على السطح من حين إلى آخر، في مقاربة لغوية سايكولوجية من النادر أن ألحظها بهذا الوضوح.
يقول صاحبي في معرض تعليقه على واقعة حدثت الأسبوع الماضي، وأثارت حولها الكثير من الجدل: «مشكلتنا يا صاحبي هي الشطط.. الشطط في المدح، والشطط في القدح.. الأمر الذي يفضي إلى نتائج سلبية في معظم الأحيان، فعندما نكيل المدح دون حساب لطرف ما، فنحن نوصله إلى مرحلة الغرور، ونطفئ فيه الرغبة في التطور والتجدد.. والأمر يحدث بطريقة معاكسة في حالة الإفراط في النقد، فنحن نحطم الطرف الآخر، ونُفقده ثقته في نفسه، ونوصله بأيدينا إلى حافة الفشل».
بمجرد انصراف هذا الصديق بحثت عبر محركات البحث عن نقيض كلمة الشطط، فظهرت أمامي مجموعة من المفردات متقاربة المعنى، منها على سبيل المثال لا الحصر.. الاعتدال.. الاتزان.. الالتزام بالضوابط والحدود.. وهي ما نحتاجه فعلاً لعلاج الكثير من الظواهر السلبية التي نعاني منها.. فعندما نجد إعلاميّاً يبالغ في كيل المديح لمسؤول، يجب أن نقول له توقف قليلاً، والتزم بالحدود والضوابط التي تحكم سلوكك المهني.. وعندما نرى ناقداً يفرط في قسوته على قلم إبداعي واعد، يفترض أن نقول له: تلطَّف قليلاً في نقدك، حتى لا نخسر موهبة يمكن أن يكون لها شأن في المستقبل.