الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

معارك الشوارع

كنت أزور إحدى الدول العربية، وأكثر ما لفت انتباهي، أنني كنت شاهدة على العديد من العراكات التي تحدث في الشارع بشكل مفاجئ، لأي سبب كان، شاهدت عامل توصيل البيتزا وهو يتعارك ويضرب أحدهم، لأنه كاد أن يطيح به من فوق الدراجة النارية، وأخرى حينما اصطدم أحدهم بسيارته بالباص الذي كان واقفاً وتضرر الباص بسبب علو السيارة الأخرى، وكادت الإضاءة تنكسر، وتدخل أحدهم وبدأ الأمر بالتلاسن، عقب ذلك بدأ الضرب.

حينما تكون شاهداً فالأمر يختلف تماماً، ربما حينها تحمل بعضاً من الحكمة، بأن لا شيء من كل هذه العراكات يستحق كل هذا الصراخ والضرب والبصق، حاولت طويلاً أن أحلل الأحداث التي كانت تمر من أمامي، وأدركت أن المجتمع العربي ثائر على ذاته، وعلى الآخرين، ثمة ضغوط نفسية يعيشها العديد من أفراد المجتمع، لذا حينما يبدأ الضرب ويتجمع كل من في الشارع محاولاً التدخل للإصلاح، يتم الصلح فوراً، وكلٌّ يذهب إلى طريقه، بعد واقعة تعتقد أن السلاح الأبيض سيكون حكماً بها.

الفكرة المركزية تشير إلى أن الانفعالات السريعة، وتوتر الأعصاب، وعدم وجود مساحة كافية للتأني والتفكير، وقلة الصبر، كل ذلك يخلق مساحة لوجود ثورة المعارك والمشاجرات بين أفراد المجتمع، بسبب ظروف، ربما تكون أحياناً تافهة، ولا تستحق كل ما يحدث.


ولكن بعض المجتمعات العربية، يعيش أهلها على صفيح ساخن، وعدم التدريب على التأني، وترك مساحة للتسامح بينهم وبين الآخرين، لكن الانتفاضات المتكررة، تجعلك تود أن تعيد تشكيل صورة الحدث في ذهنك، ماذا لو أن ذاك اعتذر، لانتهت المشكلة بدلاً من تجمع الجماهير نحو معركة بسبب موقف سيارات، أو بسبب لفظ خادش ظهر لأيِّ سبب.