الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

أنْتَ.. وأندادك الثلاثة

في الحياة، هناك ثلاثة أنداد محتملين للإنسان، ند شريف، وند غير شريف، وند مريض، فالند الشريف يتسم بالشجاعة، ويحمل جُل مناقب الفروسية، يحبك، ويحب طريقة تفكيرك، ويحب إنجازك في الحياة وإن لم يلتقِك فيها، سمع عنك، فاتّخذ منك نموذجاً يحتذى في إدارة حياته، شحذتَ فيه الغيرة، السوية، المحفزة للتجربة، والإقدام، والإنجاز، يسعده نجاحك ونصاعة أدواتك، ومثابرتك للوصول لأهدافك، لذا، تحقيقك مزيداً من النجاحات في الحياة لا يزعجه أبداً؛ طالما قصة نجاحك، وقوة إرادتك التي لا تعرف اليأس أو الانهزام، جعلته يتَّخذ منك ندّاً إيجابيّاً يحتذى في تجربته، فكلما تخاذل، أو تقاعس، استرجع قصتك، ليمتلئ همة، وعزماً، وبالامتنان لك دون أن يُعرّفك بنفسه!

أمّا النَّد غير الشريف، فهو يبقَى في حالة مراقبة لأحوالك ولكل ما تفعله، يطلق «عسَسَه» الخاصين وراءك، ينقلون له أخبارك، وأخبار منجزاتك.. ينفق وقته منشغلاً بك وبما تصنعه في يومك، يفرحه تعثرك، ويتعسه نجاحك، ليس لديه الشجاعة الكافية لمحاورتك بوضوح، صديق المصلحة والدرهم، وأعداؤه الناجحون في الحياة؛ لا يوفر وسيلة للطعن فيك، فقط، للتشكيك بأحقية كل استحقاق تحصلت عليه بجهدك، وتعبك، يبقى ناقماً لكل خير يصيبك، وإن كان فرحاً عَابراً، أو أي شيء من متاع الحياة، حتى القبول، والسمعة الطيبة، والصيت الحسن، يحاربك فيها، وكأنك استحوذت عليها عنوة رغماً عن إرادته!

أمّا الند المريض، فهو من اختار منك نداً خصماً دون علمك، ودون مسوّغ يستدعي تلك الخصومة، ربما لا تعرفه، لا من بعيد أو قريب، يستصغرك، ويستصغر منجزك، ويستكثر الخير لك، لا يكف عن تتبع أخبارك، واتجاه خطوك، يرصد حسيس قلبك وما يعتلج في خاطرك، ورأسك، شغله الشاغل أنت، ينتظر سقوطك، أو خطباً يلمُّ بك، ليقف في صفوف الشامتين، فأنت أُسُّ تعبه، وجلُّ همّه في الحياة، والهاجس الذي يقلق لذيذ مناماته!

فلا تجد له خيراً يسابق ظله، فكتفاه مهزوزتان لا يمكن الاتِّكاء عليه، تتبعثر قامته لمجرد تعثره بظلك، أو بطيف من عطرك، يتصاغر أمام وهجك الرباني.. بثباتك.. بالسلام المنبثق منك، لا يعرف ماذا يصنع بك لكي يستريح؛ فكأنّك خنجر مغروز في خاصرة قلبه؛ لا يهنأ له عيْش ولا تهدأ حاله إلا باقتلاعك!