الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

«ديليب كومار».. الوجه الإنساني المشرق

لأكثر من أسبوع من رحيل الممثل الأسطوري «محمد يوسف خان» المعروف باسم «ديليب كومار» لم يتوقف الإعلام الهندي عن سرد سيرته الفنية والحياتية، والإشادة بما خلفه من أعمال فنية مميزة سواء في الإعلام المقروء أو المرئي.

الأمر الذي يؤكد الحضور العملاق لشخصية ديليب كومار في محيطنا الثقافي، ومدى الاحترام الكبير الذي كان يتمتع به لدى الجمهور، فمثلاً كبير وزراء ولاية ماهاراشترا أودهاف ثاكراي زار منزله وقدم احترامه لجثمان الفقيد، وأعلن إقامة جنازة رسمية للراحل.

وأعتقد أن الاحترام الكبير والحب العميق الذي لقيه من شرائح المجتمع كافة، لا يرجع فقط إلى أدواره الخالدة على شاشة السينما، بل لدوره كمواطن حمل قلباً إنسانيّاً نابضاً وضميراً متيقظاً، مكرساً نفسه لخدمة الإنسانية حتى إنه كتب في سيرته الذاتية: «إنني أؤمن بشدة بضرورة امتلاك الممثلين درجة من المسؤولية الاجتماعية.. الممثل الذي يعشقه الملايين يدين بالفضل للمجتمع الذي منحه مكانة مرموقة ومحترمة جداً».

على هذا المبدأ عاش حياته، فقد كرسها للعمل الاجتماعي وخدمة الإنسان، وتجلى ذلك في مواقف كثيرة لا يتسع المجال لذكرها كلها، منها: عمله مع جمعية «المكفوفين الوطنية» رئيساً لها لمدة خمس سنوات، وقد مكّن الجمعية من تحقيق الاكتفاء الذاتي ماليّاً من خلال تشغيل قطار من مومباي إلى بونة، حيث كان يسافر مع الركاب على متنه برفقة الممثلين الآخرين لجمع الأموال للجمعية.

وفي أعقاب الاضطرابات الطائفية في بومباي عام 1993، عرض منزله لإسعاف ضحايا الاضطرابات ونذر نفسه لخدمة المتضررين.

كما تأثر بشدة بمحنة مسلمي البوسنة، الذين تعرضوا للمذبحة والاضطهاد، فسافر إلى أمريكا بدعوة من جمعية أمريكية لجمع الأموال للضحايا.

وفي نفس السياق، قال رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان: إن ديليب كومار قدم له مساعدة غالية في جمع الأموال لمستشفى السرطان، الذي كان يبنيه تخليداً لذكرى والدته.

حقاً كان رجلاً يمتلك حسّاً مرهفاً، وثقافةً عاليةً، وذوقاً أدبيّاً راقياً، وقراءة واسعة، ورُوي أنه كان يزور العلماء الربَّانيين ويطلب منهم النصح والدعاء، وكان يقول «الجميع ينظر إلى ديليب كومار ولكن لا أحد ينظر إلى يوسف خان»، ومع ذلك، لا مراء في أن ديليب كومار كان يحمل إيماناً لا يتزعزع بالقيم العلمانية للهند.

فقدان ديليب كومار ليس خسارة لممثل عظيم فحسب، وإنما خسارة إنسان عظيم يمثل روح الإنسانية، ولعل هذا هو سبب الحزن العميق الذي غرقت فيه الهند كلها بعد وفاته.