الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

رهبة «العطس» في زمان « كورونا»

كنت في زيارة لإحدى الدوائر الحكومية، وملتزماً بجميع الإجراءات الاحترازية المطلوبة لأتمكن من الدخول لتلك الدائرة، ومن أهمها النتيجة السلبية في برنامج الحصن ولبس الكمامة، وعند جلوسي في مكان الانتظار وكل شيء على ما يرام في تلك الدائرة من حسن الاستقبال حتى جلوسي في مكان الانتظار للمراجعين، وإذا بي تنتابني حالة غير متوقعة من العطاس وكحة متكررة، وهذا أمر طبيعي كان قبل عصر كورونا.

ولكن في الظروف الحالية، وكأنها قنبلة هيروشيما تنشر المرض بالمكان، والتي قضت على الشجر والحجر، فالكل يلتفت لك يميناً ويساراً، وهناك من يرمقك بعينه من بعيد، ومنهم من يغير مقعده لجهة أخرى خاصة إذا تكررت الحالة، وهناك من يراك قبل الكحة وبعدها، وكأنك مجرم متلبس بالجرم المشهود، وفي حينها تأتيك هواجس القلق والخوف بأن تتكرر الحالة، وتحاول تكتيم الأمر بشرب قليل من الماء ولكن الحالة تشتد ويحمر وجهك من نظرة الموظف الذي أمامك أو المراجع، رغم أنك بصحة وعافية ولكن مجرد التفكير بالعطسة تنقلب حالتك النفسية، وهذا أمر فسيولوجي يجعلك تسعل «تكح» أو تعطس بشكل غير طبيعي، وعند وصول الشخص لهذه الحالة أمامه خياران.

إما أن ينسحب من المكان في أسلوب تكتيكي قبل أن يتفاقم الأمر، حتى وإن لم ينجز معاملته من أجل الحفاظ على ماء الوجه، وقبل أن يجف من نظرة المراجعين والموظفين بما يجدونه أمامهم، أو يستخدم خطة النورس الحيران، وهي أن يبقى في الموقع، ويسيطر على المكان ولكن عليه التحرك إلى أقرب دورة مياه بالدائرة من أجل مسح جميع الأفكار السلبية والأوهام أنه مريض أو متعب وينزع الكمامة ويتنفس بكل أريحية شهيقاً وزفيراً ويغسل وجهه ويخرج من جديد إلى المكان ذاته، والخيار الثاني هو ما استخدمته والحمد لله أكملت وأنهيت جميع الإجراءات الخاصة بالمعاملة من دون أي كحة، لأن الهاجس النفسي تمت السيطرة عليه بعد تغيير النفسية بالجرعة التفاؤلية التي تمنحك الثقة والأمل بأنك بكل صحة وعافية.


أين أيام العطسة التى تجلجل المكان أو الكحة التي يسمعها الجيران؟! كأن ذلك في سالف الوقت والزمان من قصة الإنسان في هذا العالم، الذي لم يقدر حجم النعم والخير الذي وهبه الله له!