الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

الموسيقى وحارس الفكر

توالت قطرات من الماء بشكل منتظم، بالترافق مع حفيف الشجر، وبعض من زقزقة العصافير. دون أن أشعر، وجدت نفسي في حالة استرخاء تام بعد أن أغلقت عينيّ تلقائياً مستلقية على غيمة من الهدوء الداخلي، والفضل يعود لتلك المعزوفة العفوية.

إلى أن جاء ذاك الصوت الذي أيقظني كحارس ليلي، استطاع أن يصطاد أحد المتسللين إلى عقلي، وهي كلمة «معزوفة» ليبدأ سرد عريضة لا حصر لها من تراكمات ما قد سمعنا وتداولنا عن «حرمانية» الموسيقى وما قد سيؤول إليه المرء إن استسلم للتمتع بها!

ثم تساءلت؟ أيمكن لهذا الصوت أن يكون أكثر صواباً مما كنت أشعر به من سلام نتيجة ما استمعت إليه؟ كيف يمكن للأنغام - التي في أغلبها من فحوى الطبيعة وصنعة الخالق سبحانه وتعالى - كصوت الناي الذي هو مجرد مرور للهواء في أنبوب مجوّف أن يكون فيه شيء من الضرر أو الأذية؟


حارس الفكر، هو موظف خيالي تطوع لخدمة الأحكام والأعراف التي تمت برمجتها منذ نعومة أظفارنا، ليكون حارساً لها ومهدداً لسلامنا الداخلي بانتزاع أرواحنا وإلقائها في جهنم إن تجرأنا على تجاوز تلك الأحكام.


يقول غوستاف لوبون إنه إذا كان يلزم وقت طويل لكي تترسخ الأفكار في نفوس الجماهير، فإنه يلزم وقت لا يقل عنه طولاً لكي تخرج منها.. وهكذا نجد من وجهة نظره الفكرية أن الجماهير متأخرة عن العلماء والفلاسفة بعدة أجيال.

فيا ترى كم سيلزمنا من وقت وجهد كي نخرج من معنى «لهو الحديث» الذي اقتصر تفسيره على الغناء دون سواه !؟