الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

الإنسان والموبايل.. من يستخدم الآخر؟

الهواتف الذكية ـ كغيرها من وسائل التكنولوجيا الرقمية ـ يسَّرت حياتنا في جميع المعاملات والعمل والدراسة، وأصبحت مصدراً مهمّاً لتبادل الأفكار والمعلومات والتواصل مع الآخرين، لا سيما في زمن الجائحة التي تجتاح العالم حاليّاً؛ لكن سوء استخدامها جعلنا أو كثيراً منا مُدمِنين عليها، فلا نكاد ننزع أصابعنا عن شاشاتها، ولا أعيننا عن النظر فيها، ولا القلوب عن الانشغال بها، حتى استحال تصوُّر حياتنا بدونها لحظة واحدة.. نستخدمها خلال السير في أرصفة الشوارع بل أثناء عبور الشوارع نفسها، وفي أوقات الصعود والنزول من المصاعد.

نستخدمها في السيارات الخاصة وفي سيارات الأجرة بمجرد صعودنا إليها وقبل أن نحدد وجهتنا لسائقيها؛ والسائقون أنفسهم لا يَكفُّون عنها، فيَدٌ في المقود وأخرى في الهاتف! نستخدمها حين الأكل ووقت الشرب فلا نكاد نعرف ماذا أكلنا وماذا شربنا، ونستخدمها أثناء انتظار الطبيب في المستشفى، بل في المسجد انتظاراً لإقامة الصلاة!

نضعها بجانبنا خلال النوم وكلما استيقظنا لمسناها بأيدينا للتأكد من وجودها قربنا، وحين تكون في جيوبنا نتعهدها باستمرار خشية أن تكون قد سقطت!


ومِنَّا مَن لا يكتفي بواحد أو اثنين منها، فتراه يحمل هاتفين بيديه وربما آخر في جيبه.. هَمَمْت مرة أن أسأل زميلاً كان عنده ثلاثة منها عن حاجته إلى هذه الهواتف كلها، ولكني تركت السؤال احتراماً للخصوصية.


اسْتَغرَقَت الهواتف الذكية حياتنا، حتى أمكن القول إنها هي التي تستخدمنا.. أفراد الأسرة منشغلون بها حتى في الأوقات التي يُفترض أن تُخصَّص للحديث الأسري، ولا يقتصر الأمر على الكبار، فالصغار أيضاً صاروا ضحية استخدامها المفرط على حساب دراستهم وأدائهم العلمي.

لنتخيَّل شخصاً خرج من بيته يطلب حافلةً تُوصله إلى مكان عمله، وما إن يصل إلى موقفها حتى يتجرَّد لهاتفه، لا ينزع عنه بصره، فجاءت الحافلة وخرج منها مَن خرج وركب مَن ركب؛ بل هناك مَن ركضوا إليها مِن بعيد حتى أدركوها، وكلُّ ذلك وهو منشغل بهاتفه كأنه لا يعيش في هذا العالَم الذي يتحرك من حوله، ففاتته الحافلة!

إن إدمان الهواتف الذكية لا يقل خطراً عن إدمان المخدرات، لذلك فإن حياة كثير منا في خطر ما لم نخترع وسائل سليمة للتعامل معها أو يخترع صُنَّاعها تطبيقات ذكية للحد من إدمانها.