السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

مفاتيح السعادة.. والوصاية القسرية

أن تشيخ قبل الوقت ليس كأن تنضج مبكراً.. فأن تشيخ يعني أن تصبح عاجزاً عن العطاء وعن ممارسة فعل "الحياة" ذاته، وأما أن تمنحك الحياة الفرصة لأن تنضج قبل أوانك، فهذا يعني أن قدرتك على فهمها قد ارتقت لمراحل متقدمة من الوعي، وهي ميزة قد لا يحظى بها الجميع، لطالما أن النضج لم يعد مرتبطاً بتقدم عمر الإنسان.
أسوأ منعطف قد يعلق فيه الإنسان، ويستشعر من خلاله عجزه وانعدام ثقته في نفسه وبقدراته وبالحياة، حينما يُخضع نفسه لمقاييس وشروط أو آراء الآخرين له، كأن يشترط على نفسه أن يكون جاذباً ومقبولاً من الجميع، أن يحيا الحياة من خلال الآخر وليس من خلال ذاته، وهنا تبدأ أولى مراحل شيخوخة الذات الإنسانية، ودخولها "كُومَا" فقدان مقدرة التعاطي مع الحياة.
أقسى ما قد يمر به أحدنا، حينما يجد نفسه عاجزاً عن انتشال ذاته من حالة خواء طارئة ألمّت به بسبب تقييم أحدهم له، أن يفقد قدرته على ترميم ذاته وجمع شتاته بسهولة، أن يفقد القدرة على استجماع ثقته بنفسه، ومعاودة ممارسة فعل الحياة، ومواصلة تغذية شغفه.
من الأخطاء التي يقع فيها معظمنا، اليوم، وبسبب النزعة المادية السطحية، التي باتت تصطبغ بها جل علاقاتنا الإنسانية، هو الرغبة الجامحة لدى الغالبية منا في حب الاستحواذ والظهور، الذي يدفعنا أحياناً لممارسة خيانة الذات، فندعّي مواءمتنا وانسجامنا مع كل آخر نتعثر به، فنكتشف لاحقاً بأننا كنا نُمكّن الآخر من مصادرة ذواتنا أوالبقاء تحت "مظلته"!
هناك، عبارة شائعة، تقول: "لا تربط سعادتك بأحد"، المقولة عملية، إذ تكشف عن مناط حكمة ووعي إنساني متقدمين، ولكن، من منا يعمل بتلك الوصفة السحرية؟!
من أخطائنا الفادحة التي نرتكبها بحق أنفسنا أحياناً، أنه في لحظات ارتباك الوعي فينا، أو في ظل المنعطفات الهشة التي نقطعها في الحياة، أننا نسمح للآخر ومن حيث لا نعي بممارسته دور الوصي علينا، وكأننا بلا أدنى سقف من الوعي أو الإدراك، فلا نرى أنفسنا أو الحياة إلا من خلاله أو من خلال مقاييسه أو شروطه، وحينما نستشعر حالة تلاشي الذات في ظل تلك الوصاية القسرية.. فنستنفر خوض معركة الانعتاق من "أغلالها"!