الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

نيوتن.. والأسواق الفوضوية

يبدو أن بعض المستثمرين باتوا أسرى للشائعات بشكل غير مسبوق، فهي تتلاعب بهم كيفما شاءت، وهذا الأمر كفيل بإخراجهم مبكراً من اللعبة الخطرة، وقد ذكّرني وضع هؤلاء المساكين بقصة حدثت للعالم الفيزيائي الشهير إسحاق نيوتن مع سوق الأسهم في القرن الـ18، لكنها تحمل درساً أكثر قيمة في القرن الحالي.

في عام 1720، كان نيوتن يمتلك أسهماً في شركة «بحر الجنوب» أكثر الأسهم الإنجليزية رواجاً في ذلك الوقت، حيث استطاعت الشركة عبر أساليب مبتذلة من الشائعات والرشوة، رسم صورة مضللة حول مستقبلها في أذهان عامة المستثمرين، ما أجّج المضاربة على السهم الذي ارتفع بشكل جنوني من 128 جنيهاً استرلينياً في يناير إلى 550 جنيهاً بنهاية مايو.

بحلول شهر سبتمبر فقد السهم غالبية قيمته السوقية، فخسر نيوتن في هذه المغامرة غير المحسوبة 20 ألف جنيه استرليني، أي ما يعادل 3 ملايين دولار حالياً، وهذا الأمر سبب عقدة نفسية لنيوتن، فمنع أي شخص من ذكر «بحر الجنوب» في حضوره لبقية حياته، بعدما تورط في أنشطة المضاربة على السهم المجنون، فاعتقد أنها فرصة ثمينة لتحقيق ثروة هائلة في لمح البصر.


لكن تجربة نيوتن لا تختلف كثيراً عما نشاهده اليوم، فالعالم الذي وضع أسس التفاضل والتكامل وقوانين الجاذبية الأرضية لم يكن مستثمراً ذكياً لأنه سمح لعواطفه بالتأثير على قراراته، ولا شك أن النجاح في سوق الأسهم يعتمد بشكل أساسي على عاملين، الأول قدرة المستثمر على تحديد الأسهم التي يشتريها، والثاني معرفته بتوقيت التخلص منها، ولهذا ينبغي أن يكون انتقائياً في ما يشتريه، وأن يمتنع نهائياً عن شراء الأسهم الفوضوية.