الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

إدمان العمل

في معرض حديثنا عن القرارات التعسفية التي تصدر عن بعض المديرين، سألني صديقي: لو كنت عضواً في لجنة تقييم المتقدمين لشغل وظيفة مدير، ما أول سؤال ستطرحه عليهم؟

بعد تفكير قصير، قلت: كم ساعة تفضل أن تعمل في اليوم الواحد؟ فإذا جاءت إجابته معقولة، قد انتقل إلى سؤال آخر.. أما إن بالغ كثيراً، فسأرفضه على الفور!

قد يندهش القارئ الكريم من كلامي هذا، ويظن أنني أمزح، لكن في الواقع أنا أعني ما أقول، وأتكلم بمنتهى الجدية.


المدير الناجح يتمكن من إنجاز المهام المنوطة به خلال أوقات العمل الرسمية، أما الذي يحتاج إلى ساعات إضافية، فهو على الأرجح يعاني من قصور في أدائه.


الأمر الآخر، أن المديرين الذين يفضلون العمل لساعات طويلة، هم في الغالب واحد من اثنين: إما أنهم يحاولون الإيحاء للقيادات العليا في المؤسسة أنهم متفانون في عملهم، إلى درجة تضحيتهم بأوقات راحتهم في سبيل زيادة الإنتاجية، أو أنهم مدمنون على العمل، ولا يجدون راحتهم إلا في مكاتبهم.

وكلا النوعين يتسببان بمشاكل كثيرة داخل مؤسساتهم، ويشكلان عبئاً ثقيلاً على الموظفين العاملين تحت إشرافهم، فالمدير الذي يتظاهر بالتفاني عن طريق زيادة ساعات العمل، هو في الواقع غير صادق، أما الآخر فمدمن العمل، فهو يحاول إسقاط نمطه الشخصي غير السليم على فريق العمل بأكمله، وهذا ظلم كبير.. فلكل إنسان أولوياته.. والعقد الوظيفي هو الذي يحدد عدد ساعات العمل، وليس المزاج الشخصي للمدير.. وإذا كان المدير لديه الاستعداد للتنازل عن حياته الاجتماعية، فبقية الموظفين غير ملزمين بمسايرته في هذا الأمر.