الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

الواتساب.. أضحك وأبكى!

كم أنت مؤلمة وجارحة يا «Seen».. كم ينال خطّاك الأزرقان من ثبات أعتى الرجال!

وعلى هذا، من ذا الذي ينكر سطوة وقوة هذا التطبيق على النفوس والعقول، إنه كوكب بمفرده وعالم بمثابته، له لغة وقوانين وأعراف، وهو القادر على تحسين «مودك» في ثانية وقلبه رأساً على عقب في أخرى تليها.

إنه المضحك المبكي، ذو اللغة المتلاعبة بالمشاعر والأحاسيس، صاحب المواقف المحرجة، والحوارات الصادمة

إنه «الواتساب» كاتم الأسرار وحارس الغرف المغلقة.

لم يعد يحيا على كوكبنا الأرضي ذلك الإنسان سواء كان رجلاً أم امرأة، يافعاً أم عجوزاً الذي يعيش يومه دون استخدام العديد من تطبيقات «السوشيال ميديا» التي اجتاحت عقولنا وكبلت أيدينا، وصارت الحاكم بأمره في كل تفاصيل حياتنا.

ورغم أن السمة العامة لكل هذه التطبيقات أنها خاطفة ومسيطرة وحاكمة على الوقت والذهن، تجذب وتحيطك برسائلها وملاحظاتها ثم تستولي على تفكيرك وتعلن احتلاله ثم ترفع عليه العلم.

إلا أن (الواتساب) تحديداً له سمات خاصة، وطبيعة عاطفية مربكة، تنخلع معها القلوب حين تفرح أو تحزن على السواء، ذلك أنه يختص بالحديث والدردشة بين الناس الذين لا يمكنك الوصول إليهم كل وقت وبسهولة إلا من خلال سماوات وأرض افتراضية.

فالحبيب والعاشق الذي يهيم بحبيبته وهي لا تبالي، يسيل دمه كل يوم على أعتاب حسابها الشخصي ويطرق الباب علها تفتح وتستجيب، فترد له روحه، لكن هيهات!!

والموظف الذي يحاول تعويض تقصيره ومصالحة مديره خارج أوقات العمل والاعتذار عما بدر منه في الشركة صباحاً، فيلجأ للدردشة الخاصة بينه وبين مديره على الواتساب لعله يتعرى وينسحق أمامه بلا حياء أو خجل ويقدم فروض الولاء والطاعة، فلا يجد إلا التجاهل ورؤية الرسالة دون الرد فيزاد ألمه وتتضاعف لوعته.

وذلك الشاب المرتعش غير الواثق من نفسه، شهيد التنمر منذ صغره، حين يدخله القدر ليس إلا في إحدى جروبات العمل فيلقي بالنكات والإيفيهات أو حتى رأيه فلا يجد سوى صوت صرصور الحقل يغرد وحيداً، فيزداد انطواء داخل محنته المزمنة حين يذهب إلى الـ (Info) ويكتشف أن الجميع شاهد نكتته الثقيلة على القلب.

الواتساب جلاد لا يرحم، رسم ملامح استعباد من الطراز العالي، فدهس في طريق بقائه الضعفاء وذوي المشاعر الحساسة، وانتصر لأصحاب القلوب الميتة ومنحهم من الـOptions ما يحافظون به على سلطانهم، وصولجان إذلال الهائمين بعشقهم بلا رحمة.

لعل الفيسبوك يبدو كموجات متلاطمة وبحر شاسع، لا يشعر الضعفاء فيه بذلك الشعور المؤلم حين يتباهى كل إنسان على صفحته ويكون أمير نفسه ويخلع على نفسه أوسمة النجومية حتى لو لم يصفق له أحد.

أما ذلك البرنامج الذئب، فهو ينهش لحم العواطف، حتى لو توارى خلف شعار كرة خضراء بريئة.