الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

«قصف الجبهة» ضد الأخلاق

شاهدت مقطعاً يذكر فيه أحدهم قصة وقعت لرجل حضر إلى وليمة فرأى من يأكل تمراً كثيراً ويشرب عدّة فناجين من القهوة، فقال له: يبدو أنك تحب التمر والقهوة كثيراً، فرد عليه قائلاً: سأذكر لك قصّة، لقد عاش والدي أكثر من مئةٍ سنة وهو متمتع بالصحة والعافية.. فقاطعه الرجل الأول وقال: أظن أنه كان يحب التمر والقهوة كثيراً.. فأجابه: لا.. ولكنه كان لا يتدخل في شؤون الآخرين.

فأحرج الرجل الأول من القصة، فهذه الردود القوية والتي يعتبرها الناس من باب (قصف الجبهات) أصبحت سمة بارزة في عصرنا، وقد يتكلم أحدهم بكلمة عادية جداً فيرد عليه الآخر بجملة قوية ويتصور الراد أنه أحسن بهذا الأسلوب الأرعن، وكلما كان الرد أقوى والأسلوب في غاية البجاحة ظن أنه فعل ما ينبغي له والمطلوب منه، وهذا لا شك ولا ريب أنه سلوك خطأ وتصرف مغلوط، وهذا دليل على أن الناس في أيامنا ضاقت صدورها جداً، فأصبح بعضهم لا يطيق أي كلمة من الآخرين.

أما لو وقع منهم خطأ أو تقصير فالويل ثم الويل لهم، وقد شاهدت مرة أحد الأشخاص يصرخ في عمال المطعم صراخاً عظيماً لأن الطلب قد تأخر عليه، وقد يعتدي البعض على غيره بالتنمر والضرب بسبب موقف تافه، فأين حسن التعامل وحسن الخلق مع الآخرين؟

فديننا الحنيف يأمرنا بحسن الخلق مع الناس وألَّا نتعامل معهم بجفاء وخشونة وعنف، فرغبت الشريعة في حسن الخلق والتحمل والصبر والتعامل مع الناس بحلم وأدب، ومن جميل القصص في هذا الباب أن الخليفة الصالح عمر بن عبدالعزيز دخل المسجد ومعه حارس له فتعثر برجل نائم لم يره عمر، فقال له النائم: أمجنون أنت؟ فقال عمر: لا، فهمَّ الحارس بالرجل النائم فقال عمر: اتركه، سألني فأجبته.

فلنحرص على حسن التعامل مع الناس وملاطفتهم بالكلمة الطيبة الحسنة الجميلة، فالكلمة الطيبة وحسن الخلق من أعظم أسباب دخول الجنة.