الأربعاء - 17 أبريل 2024
الأربعاء - 17 أبريل 2024

لماذا الجزائر؟

قبل 15 عاماً أو أكثر، كان التوجه الشعبي والثقافي والحضاري في الجزائر صوبَ أوروبا ببصمة وفعل الجزائري المهاجر، وجزء من هذا التوجه كان يبدو لنا في مصر وبلاد الشام والخليج العربي منغلقاً على نفسه، وغامضاً بدرجة ما، ولم يتغير هذا الانطباع بصورة لافتة، إلا بتأثير وبصمة المنتخب الجزائري لكرة القدم، وتحديداً منذ الاشتباك والتجاذب مع الكرة المصرية قبل مونديال 2010، وهي ذكرى مؤلمة لا نريد العودة لتفاصيلها، فقد كان فصلاً لا عنوان له سوى «اللعب بالعروبة».

تعرفنا أكثر إلى ثقافة وشخصية هذا البلد العربي الكبير من خلال كرة القدم، قد يبدو هذا الانطباع قاصراً أو ظالماً من المنظور التاريخي والسياسي والاقتصادي، ولكن في نهاية المطاف يحمل هذا المقال انطباعاً كروياً رياضياً «شعبياً»، صحيح أن الجزائر بشعبها وتاريخها أكبر من كرة القدم، ولكن بالنسبة لي أرى أن الساحرة كان لها تأثير كبير في اقترابنا من الجزائر واقتراب الجزائر منا.

وماذا بعد الاقتراب؟ اكتشفنا الشخصية الجزائرية تفيض روحاً وحماساً وحباً للوطن، الذي يتمثل- في هذه الحالة- في قميص منتخب كروي، فهناك رغبة دائمة في إثبات الذات، هذا في إطار يتعلق بتكوين الشخصية، أما عن الجانب الكروي فحدِّث ولا حرج، فالجزائر بطل إفريقيا بعناصره المحترفة، وبطل العرب بالعنصر المحلي، وكان الحماس والتوهج الكروي بكافة تفاصيله حاضراً في التتويجين.

منتخب الجزائر لكرة القدم- كما أراه- هو أفضل كيان كروي في العالم خارج أوروبا وأمريكا اللاتينية في الوقت الراهن، وهذا رأي شخصي من كاتب هذا المقال الذي يعمل في الصحافة الرياضية، وخاصة الكرة العالمية منذ 17 عاماً، وبحكم مسؤوليتي عن ما أقول، أؤكد أن الجزائر بمنتخبها الحالي سوف تحقق الإنجاز العربي والإفريقي الأفضل في تاريخ المونديال، هذا أراه يحدث في مونديال قطر 2022 «بمشيئة الله».

وأخيراً أقول، الجمهور الجزائري، واللاعب الجزائري، والصورة الذهنية للجزائر التي حصل ملايين العرب عليها من كرة القدم، تظل حالة لا مثيل لها في منطقتنا، ويكفي أن ملايين العرب يعرفون ماذا يعني أن تتغنى بـ«وان.. تو.. ثري.. فيفا لا ليجري»، والمفارقة أننا نعرفها من دون أن يكون للجزائر إعلام في قوة المصري أو الخليجي، ولكنه الالتحام والتوحد الشعبي العربي مع «جزائر كرة القدم».

محمد حامد

كاتب مصري