السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

جوارديولا وأعداء السعادة

شجاع.. عبقري.. بسيط.. وعاشق للجمال، صفات تجمع بين بيب جوارديولا المدير الفني لمان سيتي، «العقل الكروي الأفضل في التاريخ كما أراه»، وبين ستيف جوبز، فالأول شعاره «ليس مهماً أن تحقق الفوز، الأهم كيف تحقق هذا الفوز»، والثاني نجح في تطوير الكمبيوتر، وقدم لنا الآيفون والآيباد والآيبود وهي أجهزة غيرت وجه الحضارة الإنسانية شكلاً ومضموناً، واللافت في الأمر أنهما، أي «بيب وستيف» حرصاً على البساطة والسهولة والجمال والإبداع، وهي معادلة لا يعلم تفاصيلها، ولا يجيدها سوى «العباقرة».

جوارديولا احتفل بعيد ميلاده الـ51 الثلاثاء الماضي، ليتجدد الجدل حول عبقريته، وأكثر ما يلفت الأنظار أن هناك فئة «تجاهر» بعدم حبها لهذا العقل الجميل، بل يذهبون بعيداً في تطرفهم حينما يقولون إنهم لا يعترفون به ولا يرونه مؤثراً، وهذا يحدث – كما أرى- لأسباب قد تتعلق بالتعصب الكروي، والانتماء لكيان كروي منافس نجح بيب في سحقه يوماً ما، وربما للأمر علاقة بتركيبة نفسية لا تفهم ولا تحب «الإبداع الساحق».

قد يندهش البعض إذا أطلقت على هؤلاء «أعداء المتعة»، فقد تجاوزوا ما يفعله حزب أعداء النجاح الذي يسجل حضوره الكارثي في كل مكان وزمان، ونجحوا في تأسيس حزب جديد أطلقت عليه اسم «حزب أعداء السعادة والمتعة».

ما يفعله هؤلاء في محاولاتهم للتقليل من شأن جوارديولا لمجرد أنه أخفق في الحصول على دوري أبطال أوروبا مع مان سيتي حتى الآن، وهو المتوج بـ31 بطولة، منها 9 بطولات دوري في الليغا والبوندسليغا والبريمييرليغ، ما هو إلا محاولة بائسة للبحث عن ثغرة في تاريخ هذا العبقري الذي تدين له كرة القدم في الوقت الراهن بإنقاذها من الملل، بل إنه أخذها إلى أفق جديد، لم يسبقه إليه أي مدرب في التاريخ، ويكفي أنه بصم على تتويج إسبانيا وألمانيا بالمونديال بما قدمه لهما مع البارسا والبايرن.

ثقتي بلا حدود أن جوارديولا الذي حصل مع السيتي على 10 بطولات، ونجح في تدمير أسطورة التنافسية في البريمييرليغ، سوف يتوج باللقب القاري مع «البلو مون»، وهو طموح مشروع لإدارة وعشاق هذا النادي الذي يمثل «رؤية أبوظبي» في الإدارة والاستثمار، والنجاح القائم على معايير صنعتها أبوظبي لنفسها، لتتفوق بها على المعايير العالمية، فقد سبق أن أكد خلدون المبارك رئيس مجلس إدارة مانشستر سيتي أن اختيار جوارديولا لتولي تدريب الفريق الهدف منه تحقيق البطولات والانتصارات بطريقة مبدعة قائمة على الجاذبية والجمال في الأداء الكروي.

وفي النهاية تبقى رسالة: «عزيزي العبقري صاحب الشخصية الجذابة والمؤثرة، حينما تشعر بأن البعض لا يحبك فلا تندهش، فقط أنظر إلى جوارديولا ولا تهتم بحزب أعداء النجاح، الذي تطور فأصبح حزباً معادياً للسعادة والمتعة».