الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

جنية الغابة البكماء

العلم بالشر لا يعني الجهل بالخير، والعلم بالخير لا يعني الجهل بالشر، لكن العلم بالخير مع عدم العمل به هو تعريف الشر بعينه، أما العلم بالشر مع عدم العمل به فهو تعريف الخير نفسه، كأن تفعل الشر دون أن تعلم أنه شر في حين تكون نيتك خيراً، وأن تفعل الخير دون أن تعلم أنه خير في حين تكون نيتك شراً، لتبقى الحقيقة أن البعض يدرك أهمية الحياة حين يبتدئ الحب، في حين يدرك البعض أهمية الحب عندما تنتهي الحياة، وشتان الفرق بينهما، فالحب يغطي على سيئات من تحب، بينما تغطي الكراهية على حسنات من تكره! حسناً... لا تكمن الصعوبة في الحب نفسه، ولا في قدرتنا على الحب، ولا في إيجاد من نحب، أو حتى في إيجاد من يحبنا، فنحن لا نستصعب الحب من الأساس، حيث لا يصعب علينا أن نُحِب أو نُحَب مطلقاً، ولكن الصعب نعم الصعب هو خداعنا! أليس كذلك؟!

بالرغم من ضآلة حجم (كارل ماريا فون فيبر) وشدة نحافته وعرجه، إلاّ أنه امتلك حيوية وسحراً في أسلوبه

دخل الموسيقار الألماني (كارل ماريا فون فيبر) التاريخ، بصفته أول مؤلف موسيقي رومانتيكي وفقاً لبيانات التأريخ، بل ويعتبر أول مؤلف أوبرا قومية ألمانية، فقد غرفت موسيقاه من التقاليد الشعبية قوة البنية، واستخلص من خبايا ألوان طيف الموسيقى الفنية، ليستعمل أدوات مختلفة أعطاها رموزاً معنية، بأسلوبٍ بدا غريباً جميلاً جديداً متميزاً، حيث كان استعماله للهوائيات والنحاسيات قوياً ومعززاً، فكان بنفسه فخوراً وبإنجازاته معتزاً، لأنه ببساطة أول من استعمل ما يُعرف باللحن القائد أو اللحن الدال، أي الذي يدل على حدثٍ أو شخصية ما في الأوبرا بشكلٍ فعّال، ومع ذلك تميزت أعماله غير الأوبرالية بكونها ذكية وطرية ومليئة بالأفكار، ومن جانب آخر برزت قدراته كقائد أوركسترا من طراز معاصر للأخيار، ومن أشهر أعماله (جنية الغابة البكماء، والسوق الكبير، وقوة الحب، والصياد).

بالرغم من ضآلة حجم (كارل ماريا فون فيبر) وشدة نحافته وعرجه، إلاّ أنه امتلك حيوية وسحراً في أسلوبه الأمر الذي أوضح وأظهر مدى براعته الشديدة وإبداعاته الحسية وقدراته المرئية وأحلامه المسموعة، حيث أبهر أصدقائه بطلاقة وفصاحة جعلته يسيطر على كل المجموعة، واستمر هكذا مشرقاً إلى أن رحل عن الحياة في لندن خلال زيارته لتقديم حفل له، وذلك بسبب مرض السل فتحول ذلك الحفل إلى مأتمٍ له، ونقل جثمانه لاحقاً ليعاد دفنه في وطنه الحبيب، ليبقى شمساً في سماء الإبداع تأبى أن تغيب.