فيلم «الرسالة» للمخرج الراحل مصطفى العقاد، لا يزال محافظاً على أناقته رغم مرور 40 عاماً على صدوره، ليتحول إلى جسر تواصل بين الإسلام والغرب، لا سيما أن مخرجه تمكن فيه من تقديم الرسالة النبوية والإسلام بطريقة جميلة، مستعرضاً فيه حياة النبي الكريم، ونشأة الإسلام. واستطاعت النسخة الإنجليزية من الفيلم قبل أكثر من 40 عاماً، أن تتألق في دور العرض الغربية، وتنشر الإسلام، بينما ظلت النسخة العربية حبيسة أدراج الرقابة بعد منعها من الظهور على الشاشات، نتيجة ما يسمى (بزمن الصحوة) الجاهلة، والتي ضيعت على الإسلام الكثير من الفرص.
هل يعقل أن إنتاج فيلم عن الإسلام والرسول الكريم يواجه العديد من العقبات والمشكلات ليس من الغرب ولكن من (المسلمين أنفسهم)، حيث قضى مخرج الفيلم «مصطفى العقاد» 5 سنوات متجولاً بين العواصم العربية للبحث عن مصدر لتمويل الفيلم، بسبب النظرة المتشددة وتحريم الأفلام. اعتذرت الكثير من الحكومات العربية والإسلامية عن تمويل صناعة هذا الفيلم. وتم تمويله من قبل الكويت وليبيا والمغرب.
تخيل فيلماً عن الإسلام كتب بإبداع وتم تمثيله بعبقرية ولكنه واجهه الكثير من المشاكل لإنتاجه
أقام المخرج في القاهرة، لمدة عام كامل، لتحضير سيناريو الفيلم، الذي كتبه الأمريكي هاري كريج، بمشاركة نخبة من العلماء، حيث كان الكاتب «كريج» يكتب السيناريو بالإنجليزية، ومن ثم تتم ترجمته إلى العربية، حتى تتم مراجعته من قِبل علماء الأزهر، ومن ثم يترجم مرة أخرى إلى الإنجليزية بعد إضافة التعديلات، مشيراً إلى أن السيناريو تُرجم نحو 4 أو 5 مرات، حتى حصل على النسخة النهائية، التي خُتمت صفحاتها بختم الأزهر، وموافقة المجلس الشيعي الأعلى في لبنان في السبعينيات. في المقابل واجه السيناريو صعوبة شديدة في الحصول على موافقة رابطة العالم الإسلامي بالسعودية أو بعد ذلك في إيران.
تم عرض الفيلم لأول مرة في لندن، وحقق نجاحا ساحقا، وكان مشهد تعذيب بلال بن رباح على يد الكفار من أكثر المشاهد المؤثرة، والتي أوضحت للغربيين مدى الصعوبة التي واجهها المسلمين في بداية انتشار الإسلام، وتوجه 3 أشخاص من الحاضرين لـ«العقاد» وهم يبكون، طالبين منه تغيير اسم الفيلم، الذي كان بعنوان «محمد رسول الله»، حتى لا تتم إهانة الرسول بوضع دعاية الفيلم في البارات أو الأماكن التي تشبهها، ولذلك تغير الاسم إلى «الرسالة».
تخيل فيلماً عن الإسلام كتب بإبداع وتم تمثيله بعبقرية، ولكنه واجهه الكثير من المشاكل لإنتاجه ولا نجد اليوم بين عشرات أو المئات من الأفلام التي تشوه الإسلام، غير هذا الفيلم ليكون المدافع الوحيد سينمائياً عن الإسلام، ولو أن البعض دعمه من ذلك الوقت لأنتجنا اليوم عشرات الأفلام التي توضح حقيقة الإسلام، ولكن عشنا في فترة جهالة باسم «الصحوة».