الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

أسئلة حول القراءة

في مايو 2016 أطلقت الإمارات استراتيجيتها الوطنية للقراءة حتى عام 2026، وتم إنشاء صندوق وطني لدعم القراءة بقيمة 100 مليون درهم، وتخصيص شهر مارس من كل عام لتعزيز هذا المنهج في حياة الأفراد والمجتمع، إضافة إلى قانون وطني يحوّل الفعل إلى مشروع حكومي متكامل، كافلاً حق الجميع في المعرفة في كل مدرسة وجامعة ومؤسسة وبيت، فهل تحولت القراءة إلى سلوك راسخ في حياة 50% من الإماراتيين؟ وهل تمكنّا من تحقيق هدف أن يقرأ الطالب 20 كتاباً في السنة؟ وماذا عن مستقبل القراءة في حد ذاتها؟

ظهرت نتائج المؤشر الوطني للقراءة 2021 الذي أطلقته وزارة الثقافة والشباب، معتمداً على منهجية علمية تستند إلى معايير دقيقة، من خلال مسح ميداني شمل أكثر من 3300 مواطناً ومقيماً في الإمارات السبع، وأكثر من 150 أديباً، و 800 معلماً، و3000 طالب وطالبة، وقد تناولت الدراسة ثلاثة محاور أساسية هي: عادات وميول القراءة في المجتمع الإماراتي، معدل واتجاهات القراءة في الأدب الإماراتي، واستشراف آليات تمكين الأدب المحلي خارج حدود الوطن.

أظهر المؤشر أن متوسط ما نقرؤه في السنة كأفراد بالغين يتراوح بين 6 إلى 10 كتب، في مواضيع متنوعة شملت الدين والتاريخ والسياسة وتنمية الذات والعلوم، وأتت الكتب الدينية في المرتبة الأولى -حسب المؤشر- من حيث موضوعات الكتب التي يفضلها القراء، تليها الروايات، وكتب الرياضة، وتصدرت اللغة العربية تفضيلات القراءة المبكرة بالنسبة لأولياء الأمور والمربين بنسبة وصلت إلى 93%، كما أن أكثر من 74% من الطلاب يقرؤون من منصات التواصل الاجتماعي، بينما وصل متوسط عدد ما يقرؤونه إلى 12 كتاب سنوياً.


في الذهن أسئلة حول جدوى وتأثير ما يُطالَع في الكتب والدوريات والمنصات على حياة الأفراد العملية والاجتماعية، وهل يساهم في تلبية احتياجاتهم المعرفية والنفسية حقاً؟ وهل يعكس ما يقدمه أكثر من 130 ناشراً إماراتياً واقع ومتطلبات المشهد المحلي؟ وأخيراً ما هو المحتوى الذي يتم استهلاكه من قبل طلبتنا في المنصات الاجتماعية، وهل يمكن أن نعتبر ذلك فعل قراءة حقيقياً؟
ما لا نريده هو أن تبقى فكرة القراءة محصورة في إطار الاحتفاء السنوي تماشياً مع شهر القراءة وأهدافه وحسب، بل أن تعتني المؤسسات المختلفة بوضع مناهج تعزز صناعة القراءة في حياة الفرد اليومية، كجزء من دوره الأساسي في بناء اقتصاد المعرفة، وتحسين قدراته الذهنية وصحته النفسية، ودعم إنتاجه الفكري في مجالات التخصص المختلفة وبأدوات العصر الرقمية، فما أحوجنا اليوم إلى متخصصين يعيدون إنتاج علمهم وخبراتهم، في أشكال قرائية تتناسب مع التوجهات المختلفة في اكتساب المعرفة عند الصغير والكبير.