الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

تطنيش التطفيش

مهما كنت محترماً ومهذباً مع الآخرين إلا إنك ستصادف في حياتك أشخاصاً لا يقدرن ذلك ولن تجد القبول عندهم ولو تعاملت معهم عن بُعد، لإحساسهم أنك اقتحمت ميدانهم الذي صمموه على مقاسهم ووفق مصالحهم الضيقة وأن وجودك يعيق استمرارهم، أو لأنك تفُوقهم معرفة وعلماً، أو خشية أن تنافسهم على شيء من حُطام هذه الدنيا، فيبدؤون بتطفيشك مستخدمين كافة الأسلحة المحرمة ضدك كالكذب والنميمة والغيبة والافتراءات.

إن الخطوة الأولى التي تتبعها في مواجهة المطفش هو التشخيص الصحيح لتصرفاته، فقد تكون أنت من تعاني من حساسية مفرطة تجاه بعض الأشخاص أو التصرفات غير المقصودة، ولكن التريث قد يوصلك إلى أن من تظن أنه يعمل على تطفيشك هو شخص لا يضمر لك أي سوء.
وإذا استفضت في تشخيصك وتوصلت إلى أن هناك من يعمل على تطفيشك فاستعن بمقولة (طنش تعش) واستخدم معه أسلوب التجاهل والتغاضي والتغابي علّه يكف عنك ويبحث له عن ضحية أخرى، وهذا لا يمنع من أن تحاول أن تتعامل بإيجابية مع المُطفش لكي يطمئن أنك لم تأت للضرر به دون أن يكون ثمن ذلك مجاراته فيما يُعرضك للمساءلة القانونية أو أن تتنازل عن مبادئك الأخلاقية، والبعض قد يفسر التطنيش في مثل هذه الحالات بالخوف والحاجة وليس مضاداً حيوياً تستخدمه لمعالجة الحالة المرضية للمطفش.
ولأنه لا توجد وصفة موحدة لمعالجة المطفشين لاختلاف الشخصيات والرؤى لكل من المطفش والمطنش فقد يستخدم المطنش أسلوب (مُجبر أخوك لا بطل) ويقوم بتطنيش مكانة ومنصب ومركز ووظيفة المطفش، ولا يقيم له وزناً فيكشر عن أنيابه ويدخل معه في تحدي التطفيش أو البقاء وإن أدى الأمر لاشتراك المُطنش والمُطفش في الخسارة.

وقد يختار المُطنش أسلوب (التطنيش الممنهج) الذي يقوم على خطوات مدروسة يحمي فيه المُطنش نفسه من المُطفش وذلك من خلال اتباع إجراءات قانونية أو البحث عن مخرج يضمن له البقاء الآمن بعيداً عن مكائد المُطفش دون أن يتخلى المُطنش عما يقوده لتحقيق طموحه.
قد تدفع الإيجابية أن يضع البعض حلولاً لبعض السلبيات التي تصاحب العلاقات والتعاملات الإنسانية، إلا إنه لا توجد وصفة علاجية واحدة لردع المطفش، ولكن هذا لا يمنع أن نقر بأن كل شيء خاضع للتغيير إذا كانت هناك نوايا حسنة تقود لجلسة صفاء بين المُطنش والمُطفش لبناء جسور الثقة التي أفقدتها أوهام وأعمال التطفيش مع حفظ المصالح المشروعة للجميع.