الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

صناعة اسمها كرة القدم الإنجليزية

ياله من يوم...! كان هذا عنوان واحدة من الصحف البريطانية الكبرى لخصت ووصفت به حالة الدهشة والروعة والسعادة من النهاية الدراماتيكية المجنونة لبطولة الدوري الإنجليزي يوم الأحد الماضي، والتي حسمها فريق مانشستر سيتي في أقل من 10 دقائق.

لقب الدوري الإنجليزي ظل معلقاً حتى الدقيقة 80 مع الهدف الثالث للفريق السماوي -مانشستر سيتي- وكانت البطولة في طريقها إلى عاصمة الصناعة والميناء الأشهر في المملكة وهي ليفربول لكنه جنون كرة القدم فهدف واحد كان كفيلاً بانتقال الفرحة من مدرجات الفريق الأحمر إلى مدرجات الفريق السماوي.

لم تكن إنجلترا فقط وجماهيرها هي من تشاهد المباراتين وتنتقل من مباراة إلى أخرى لمعرفة النتيجة ومن سيفوز بالدوري، بل كان الملايين حول العالم يتابعون ما يجرى في لهفة واندهاش وسعادة أيضاً. فما حدث يوم الأحد ومن قبله أيضاً في كرة القدم الإنجليزية شيء لا يتعلق بكرة القدم بصورة مجردة ومبسطة. فعنوان الصحيفة الإنجليزية هو إيجاز للفارق بين ما يحدث في ملاعب كرة القدم الإنجليزية والأوروبية وبين ما يحدث في ملاعبنا وهو الفارق ذاته بين استيعاب عالمنا لمفهوم ورسالة الرياضة والتزام الإنجليز بأهدافها ومضمونها.. وصناعتها.

ما يحدث في ملاعبنا بعيد كل البعد عن أهداف الرياضة وصناعة كرة القدم ولذلك تأخرنا كثيراً في إمكانية الاستفادة من هذه الصناعة وجعلها أحد موارد الدخل القومي وواحدة من الصناعات التي نصدرها للخارج ونحن في ملاعبنا.

العالم منذ الستينات انتقل من مرحلة «اللعب والهواية» وخاصة أوروبا ثم أمريكا اللاتينية إلى مرحلة الصناعة، فالدوري الإنجليزي الآن هو أغنى دوريات العالم والقيمة التسويقية له تأتي قبل الدوري الإسباني والإيطالي.

ما يحدث في ملاعبنا بعيد كل البعد عن أهداف الرياضة وصناعة كرة القدم ولذلك تأخرنا كثيراً في إمكانية الاستفادة من هذه الصناعة وجعلها أحد موارد الدخل القومي

تحول البريمييرليغ- هكذا يطلق عليه- إلى واحد من أهم صادرات بريطانيا. فحسب البيانات المتاحة في آخر 4 سنوات ووفقاً لما نشرته مجلة الإيكونيميست الاقتصادية المتخصصة فقد وصلت حقوق البث في عام 2018 إلى 2.8 مليار جنيه استرليني -حوالي 3.5مليار دولار- وهو يجعل الدوري الإنجليزي أغنى دوري في العالم فزادت إيرادات الأندية وتم تقسيم أموال البث الخارجي بالتساوي بينها لضمان منافسة كبيرة ودوري قوي.

وحتى لا نصدم -نحن من يتوهم أنه يلعب ويدير كرة القدم في غالبية دولنا العربية- فقد كشفت دراسة أن دخل الدوري الإنجليزي من بيع التذاكر، ومنتجات الفرق من بيع القمصان وخلافه، بجانب حقوق البث وصل إلى 6 مليارات و400 مليون دولار سنوياً، وهو الدخل الذي يتجاوز حجم اقتصاديات 4 دول أفريقية.

الأمر الآخر وهو الجانب الاقتصادي والاستفادة الاقتصادية من كرة القدم بالنسبة للاقتصاد البريطاني، فالنشاط الاقتصادي للدوري الإنجليزي يدر على الخزانة العامة لبريطانيا 4 مليارات و200 مليون دولار سنوياً في صورة ضرائب، سواء ضرائب الدخل للاعبين والمدربين، أو القيمة المضافة، كما يساهم في الناتج المحلي الإجمالي بـ9 مليارات و700 مليون دولار، ويوفر 100 ألف وظيفة ثابتة، غير الوظائف الموسمية، علاوة على أنه تحوّل إلى قوى ناعمة، فيكفي أن هناك أكثر من مليار و300 مليون شخص حول العالم يشاهدون مبارياته.

ويبقى لديّ سؤال محير... هل ما زلنا نعتقد أننا نلعب كرة قدم...؟