الثلاثاء - 08 أكتوبر 2024
الثلاثاء - 08 أكتوبر 2024

القهوة العربية تتحدى العصرنة وسنع محفور في الوجدان

القهوة عنوان الكرم الإماراتي والشخصية العربية المضيافة، تجسد أصالة التراث في المنطقة وترتبط بجملة من التقاليد في المجتمع العربي عموماً والإماراتي بصفة خاصة.

ولأنها تشكل سلوكاً وثقافة يومية في حياة الإماراتي، بات لتقديمها سنع «إتيكيت»، ولقبولها سنع، لا سيما أنه في حضرتها تتخذ مواقف وقرارات، فهي الرفيق الدائم للإماراتيين وزادهم الذي لا يخلو منه أي مجلس أو سفر.

ويتعرض من يخالف هذا السنع إلى الكثير من الإحراج إذا ما أخطأ فيها أو تجاهلها، فلكل منها معنى ومغزى يحفظه الجميع.


* عراقة التقاليد


وأكدت نورة العامري، مديرة مدرسة القهوة والسنع في مركز الشيخ محمد بن خالد آل نهيان الثقافي، أن القهوة الإماراتية عريقة الأصول والمنشأ، ولها عادات وتقاليد لا تهاون حيالها.

وأشارت إلى أن القهوة تقليد عريق ورمز للضيافة والكرم، وبها تستفتح المجالس، مشيرة إلى أن لها عدداً من التقاليد التي يلتزم بها الجميع، ومنها أن يبدأ تقديمها إلى الضيوف ثم الجلوس من على يمين الضيف. ولفتت إلى أنه من الخطأ الكبير أو ما يعرف بـ «المنقود» عند العرب أن يجري تقديمها باليد اليسرى، إذ يتوجب على «المقهوي» تقديمها باليد اليمنى، وأن يتناولها الضيف باليد اليمنى أيضاً.

* هزّ الفناجين

ونوهت بحرص «المقهوي» على الاستمرار في الوقوف خلال تقديم القهوة حتى يكتفي الضيف، وعلامة ذلك هز الفنجان، وإن لم يهزه يناوله غيره.وتتابع «عند صب القهوة لا يملأ الفنجان، بل ربعه فقط، وعلى الضيف أن يسلم الفنجان للمقهوى ولا يضعه على الأرض، لأن ذلك يعد عيباً في حق المقهوي.

وتؤكد العامري أنه لا يجوز في تقاليد تقديم القهوة التخطي، بمعنى أن يجري تقديمها بتسلسل حتى لو كان الضيف طفلاً، لافتة إلى أنه من ضرورات تقديمها أن تقدم له ثلاث مرات كأمر واجب، الأولى عند قدومه، والثانية بعد تقديم الفواكه، والثالثة بعد وجبة الطعام.

* اختبار الجودة

وأوضحت أن ثمة خمسة أنواع من فناجين القهوة، وهي «الهيف» الذي يقدم للمضيف قبل الضيوف لأجل أن يختبر جودة القهوة. أما فنجان «الضيف»، فهو الفنجان الأول الذي يقدم له، وكان قديماً مجبراً على تناوله إلا في حال العداوة، وفي حالة ما إذا كان للضيف طلب كبير لدى المضيف فإنه يمتنع عن شربه إلا بعد وعد من المضيف بتلبيته.

ونوهت بأنه من عظائم الأمور ألا يشرب الضيف هذا الفنجان، لذلك كان الضيف ملزماً بالتلبية وإلا لحق به العار بين الناس.

* عهد وتحالف

يعتبر النوع الثالث الذي يسمى فنجان الكيف اختيارياً، لمجرد تعديل المزاج للضيف، وهو أقل فناجين القهوة قوة عند العرب، فيما يسمى الفنجان الرابع «السيف» وغالباً ما يتفادى تناوله الضيف لأنه يشبه العهد والتحالف العسكري، ويعني أن المضيف مع الضيف في السراء والضراء ومجبر على الدفاع عنه بحد السيف.

أما الفنجان الأخير، فهو فنجان الفارس والذي كان يرفعه شيخ القبيلة حينما يطالب شخص بثأر، ويقول أمام الجميع «هذا فنجان فلان ابن فلان فمن يشربه؟، ويقصد من الفارس الذي سيحمل على عاتقه الأخذ بالثأر».

واستعرضت العامري خلال ورشة تدريبية بعنوان «القهوة والإتيكيت الإماراتي»، استهدفت طالبات مدارس في العين، أصول صنع القهوة وأدواتها، بدءاً بتحميصها حتى تقديمها، وتناولت تسمياتها المختلفة والتي تعود إلى أسماء مناطق بالإمارات، مثل الموكا التي أطلقت على نوع من القهوة نسبة إلى منطقة المخا.

وركزت العامري على أن المضيف لا يستطيع تجاهل أصول تقديم القهوة العربية، وإلا صارت سبة في حقه.