الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

"صفر".. مؤشر الاشتباه في تطور أعراض كوفيد-19 لدى الأطفال

مع اقتراب مواعيد فتح المدارس وعودة الدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، يحاول العلماء وضع سيناريوهات لمخاطر عودة الأطفال للمدارس حال استمرار الوباء الحالي بمعدل ووتيرة الإصابة ذاته.

وتعتمد السيناريوهات على المعلومات المستقاة من الأوراق العلمية المختلفة، التي تؤكد معظمها على ضعف احتمالات إصابة الأطفال، أو تعرضهم لمضاعفات خطيرة جراء الإصابة بفيروس كورونا المستجد.

في بحث جديد، نُشر موخراً في دورية طب الأطفال الأمريكية، قال مُتخصصان في الأمراض المعدية، أن عودة الأطفال للمدارس في الخريف المقبل أصبحت ضرورية، خاصة أن الأطفال لا ينقلون العدوى إلى بعضهم البعض، ولا يمكن أن يُعدوا البالغين.


وربط الباحثان العودة بشرطين أساسيين هما، اتباع المبادئ التوجيهية المناسبة للتباعد الاجتماعي، والأخذ في الاعتبار حساب معدلات العدوى في المجتمعات المحلية لتقدير المدارس التي ينبغي إعادة فتحها في الخريف.


ديناميات العدوى

وقال أستاذ الأمراض المعدية في كلية الطب بجامعة فيرمونت، ينيامين لي، «إن ديناميات العدوى في العائلات، ودراسة انتقال المرض الحالي للأطفال، يوضحان بشكل لا لبس فيه أن صغار السن في مأمن بشكل كبير، وبالتالي لا داعي لجلوسهم في المنزل إلا في حالة انتشار الوباء داخل مجتمعهم المحلي بصورة كبيرة، وبمعدل انتقال يزيد على 3 أفراد».

وأشار لي في تصريحات خاصة إلى أن «الضرر الناجم عن جلوس الأطفال بالمنزل قد يكون أكبر من ذهابهم للمدارس».

وأوضحت دراسة سويسرية سابقة نفذها الباحثون على 39 أسرة مُصابة بكوفيد-19، أن 8% من أطفالهم انتقلت لهم العدوى. كما أن مؤشر الاشتباه في تطور أعراضهم اقترب من 0%.

فعلى الرغم من ظهور حالات كورونا وسط أسرهم، وكان بعضها مُصاحباً بأعراض وخيمة من ضمنها صعوبات التنفس وفقدان حاستي التذوق والشم وارتفاع مطرد في درجات الحرارة، لم يُطور أيّ طفل أعراضاً وخيمة للمرض.

كما أشارت دراسة صينية حديثة إلى أن تتبع 68 طفلاً أصيبوا في الفترة ما بين 20 يناير و27 فبراير، أظهر أن 96% منهم كانوا بحالة جيدة، فيما طور الباقون أعراضاً بسيطة، كما أن معدل نقل العدوى بين الأطفال ظل ما دون 1%.

وأشارت دراسة ثالثة إلى أنه من بين كل 10 أطفال تقدموا للكشف في مستشفيات مدينة ووهان الصينية بسبب إصابتهم بالعدوى، تم قبول طفل واحد لدخول المستشفى.

وقالت دراسة فرنسية إن طفلاً تعرض للتعامل مع أكثر من 80 شخصاً مصابين بالمرض، ولم يُطور أيّ أعراض على الإطلاق.

كما أوضح الباحثان في الورقة المنشورة أيضاً أن «انتشار أمراض الجهاز التنفسي الأخرى، بما في ذلك الإنفلونزا، أمر شائع في المدارس». وهذا يعني أن الوباء الحالي يجب ألا يمنع عودة الدراسة.

بروتوكولات الأمان

وفي دراسة أخرى أجريت في مدينة نيو ساوث ويلز الأسترالية، احتك 9 طلاب مصابين و9 موظفين بأكثر من 735 شخصاً في 15 مدرسة ابتدائية، ولم ينتج عن ذلك سوى إصابتين ثانويتين فقط. كانت تلك الإصابات من شخص بالغ إلى طفل، وليس من طفل إلى آخر.

وقال مؤلف الدراسة «إن الفكرة الرئيسية هي أن الأطفال لا يقودون الوباء. بعد 6 أشهر من بداية الجائحة، أصبحت لدينا ثروة من البيانات المتراكمة التي تبين أن الأطفال أقل عرضة للإصابة ويبدون أقل عدوى، كما تجمِع كل الدراسات على أن البالغين الذين لا يتبعون بروتوكولات الأمان وارتداء الكمامة ولا يهتمون بالتباعد الاجتماعي هم المسؤولون عن قيادة المنحنى التصاعدي».

لكن، هل تتسق تلك الدراسة مع جميع الأوضاع الحالية وتصلح للتطبيق في كل مكان؟

الإجابة هي «لا». ففي ولاية تكساس الأمريكية، تشهد المرافق الصحية أعداداً متزايدة من البالغين والأطفال. فمن ضمن 894 حالة يقدر عدد الإصابات بين الأطفال بـ441 طفلاً. وقال لي «إن تلك الأعداد مُساء تفسيرها».

فعلى الرغم من الانتشار واسع النطاق لكوفيد-19 في تكساس اليوم، قال مؤلف تلك الورقة «إن الأمر يرجح لتجمع أعداد مهولة من البالغين بدون مراعاة التباعد الاجتماعي أو ارتداء الأقنعة». وأضاف أيضاً «نحن لا نعرف ديناميكيات التفشي الحالي في تكساس، إلا أنه من غير المرجح أن يقود الرضع في الحضانات أو الأطفال في المدارس تلك الطفرة».

وقال باحثون، «إن الدعم الإضافي لفكرة أن الأطفال ليسوا نواقل مهمة للمرض تأتي من النمذجة الرياضية، إذ تظهر النماذج أن الابتعاد الاجتماعي على نطاق المجتمع والتبني الواسع لأقنعة الوجه القماشية أو الكمامات الجراحية هي استراتيجيات أفضل بكثير للحد من انتشار الأمراض، وأن إغلاق المدارس لا يضيف سوى القليل».

هناك حقيقة ناصعة، فالمدارس التي أعيد فتحها في العديد من دول أوروبا الغربية وفي اليابان لم تؤثر على أعداد الإصابات. وقال الباحث، «إن النماذج الرياضية تؤكد ذلك الأمر».