الأربعاء - 11 سبتمبر 2024
الأربعاء - 11 سبتمبر 2024

سعيد الشامسي: صدفة أدخلتني عرين الأسود .. والفهود صديقتي

صدفة قادت الإماراتي سعيد خلفان الشامسي ليكون صديقاً لأسود حديقة الحيوانات في العين، ليصبح التواجد داخل عرين الأسد بالنسبة له جزءاً من عمله اليومي الذي قد تتخلله أيضاً مداعبة الفهود وغيرها من الحيوانات المفترسة التي يرتبط معها جميعاً بعلاقة وطيدة هو الطرف المسيطر فيها.

بخطوة واحدة من الشامسي، يهدئ من روع ملك الغابة، وبنظرة يقرأ ما يدور في رأسه هو وسواه من سائر الحيوانات المفترسة، وبإيماءة بسيطة يتحول كل منها إلى مخلوق داجن مستأنس ينتظر توجيهاته.

يؤكد الشامسي أن لغة تفاهم وصداقة تجمع بينه وبين الحيوانات المفترسة، معتبراً الثقة المتبادلة العقد الذي يربط بينهما، ورغم الخطر الدائم الذي يتعرض له إلا أنه يتحصن بالثقة والأمان ووسائل السلامة اللازمة.


اعتبر الشامسي ذو الـ22 عاماً التعامل مع الأسود والنمور والفهود وغيرها من الحيوانات المفترسة تحدياً لا ينقطع، منوهاً بأن هذا الشغف لا يخلُ من حذر وإجراءات تضمن سلامته وسلامة الحيوان، لافتاً إلى أن عمله يضفي عليه تميزاً بين الشباب لاختلافه عن الاهتمامات التقليدية.


وأكد في حواره مع «الرؤية» أن هذا العمل كان بالنسبة له فرصة العمر، إذ أثار لديه الفضول والرغبة في التقرب من هذا العالم المثير والتعرف إلى تفاصيل وعادات هذه الحيوانات عن قرب ولا سيما الأسود والفهود التي قد تكلفه العناية بها حياته، فيما لو أهمل أحد عوامل واشتراطات الأمان.

هل اخترت العمل مع الحيوانات المفترسة؟ ومتى كانت البداية؟

بدأت العمل بحديقة الحيوانات في العين قبل أربعة أعوام، حيث خُيرت بين أقسام عدة هي الطيور، الزواحف، ذوات الحوافر، القرود وقسم آكلات اللحوم وكان من المرجح أن أعمل في قسم القرود، إلا أن تأخري في تبديل ملابس العمل لدقائق أدى إلى تكليف زميل لي بملاحظة القرود، وتكليفي بالعمل في قسم الأسود.

منذ ذلك الحين لم أفارق هذا القسم، حيث تعاملت مع الأسود الأفريقية والأمريكية والنمر المرقط والنمر الأفريقي والضباع والكلاب البرية الأفريقية فضلاً عن النمس والوشق والذئاب العربية.

ألم يصبك الخوف؟

أكيد، وهذا أمر طبيعي، فقد شعرت في الأسبوع الأول بخوف ورعب شديدين ولكنهما كانا ممزوجين بالحماس والتحدي، وعندما سمعت للمرة الأولى عن قرب زئير الأسد الذي يمكن سماعه من مسافة ثمانية كيلومترات تسمرت قدماي وشعرت بالرعب حتى إن ملابسي اهتزت من شدة الصوت، ولأنني بطبيعتي أحب الإثارة وما يرفع مستويات الأدرينالين في جسدي، قررت مواصلة العمل وسط هذه الأجواء.

ودفعني شغفي بهذه الحيوانات إلى البقاء معها لما يتجاوز الـ 15 ساعة، رغم أن ساعات دوامي لا تتخطى الثماني ساعات.

هل تلقيت تدريباً خاصاً؟

بالطبع، قبل التعامل مع الأسود تلقيت تدريباً لأربعة أشهر على يد محترفين وتنقلت خلالها بين الحيوانات المفترسة من الأقل إلى الأكثر افتراساً، أعقب ذلك اختبار للتأكد من قدرتي على التعامل مع الحيوان ومراعاة كل عوامل السلامة والأمان.

وأود أن أقدم الشكر لمدربي كريستوفر الذي كان له كبير الفضل في إتقاني هذه المهنة، فهو من حرك لدي شغف التعرف إلى طبائع الحيوانات المفترسة مثل النمس وقط السرفال والنمور الصغيرة كالنمر العربي المرقط المهدد بالانقراض والنمر الأفريقي وصولاً إلى الفهود والنمور والأسود.

هل تعرضت لهجوم من حيوان مفترس؟

أحمد الله أن هذا لم يحدث، فأنا دوماً أنصح الجمهور بعدم الانخداع بمظهر الحيوان لأنه يهاجم البشر بهدف الدفاع عن النفس ضد أي إشارة هجوم تلوح له، أما لو أغدقنا عليه الاهتمام ومشاعر الحنان والحب، فستكون المشاعر متبادلة، والدليل على ذلك أنني تعاملت مع الفهود مدة ثمانية أشهر فقط حتى أصبحت صديقتي الأثيرة، ولا تزال تذكرني وتحتفي بي كلما زرتها رغم غيابي عنها عامين، وهذا الأمر ينطبق على النمور أيضاً وغيرها.

كم عدد الأسود التي ترعاها؟

أرعى حالياً تسعة أسود في منطقة السفاري منها خمسة ذكور وأربع إناث من بين 26 في الحديقة كلها.

إن حديقة حيوانات العين توفر البيئة التي تحاكي حياه الأسد في البرية، حيث تتواجد أدوات تساعد على تعزيز قدراته على الافتراس وتنشط في القوت نفسه حواسه عبر ألعاب تعزيزية داخل مسكنه يلعب بها وينمي قدراته الذهنية والجسدية.

هل وجدت ترحيباً أسرياً للعمل في هذا المجال؟

وجدت تشجيعاً من الوالد الذي رأى أن علي أن ألتحق بالعمل الذي أحبه وأختاره، فيما عارضت والدتي بشدة وحثتني على ترك هذا المكان الخطر والبحث عن وظيفة أخرى.

وتجاوز القلق الأسرة إلى الجمهور الذي عادة ما يحذرني من البقاء وسط الفهود ويطلب مني الابتعاد خوفاً علي، ولكنني بدلاً من الخروج أعمد إلى الحديث عن طبائعها وأقدم لهم التوعية حول كيفية التعامل معها.

ماذا عن طبائع الأسود وطريقة إطعامها؟

يجري ذلك عبر أبواب منزلقة، حيث نخلي الغرفة من الحيوان في البداية وننظفها ونضع الطعام له، ومن ثم يخرج الملاحظ من الغرفة ويعود الأسد لتناول الطعام.

الأسود غير مستأنسة، حيث يتغير طبعها تماماً وقت تناول الطعام وتبرز غريزتها الشرسة، فتتنافس فيما بينها في محاولة للاستئثار بالطعام.

مِمَ تحذّر زوار الأسود؟

أحذرهم من الاقتراب من القفص في حال استخدام عطور نفاذة لأنها تستفز الأسد وتدفعه إلى متابعة الشخص صاحب الرائحة من أجل الهجوم عليه، كما أن الحركة الدائمة سواء للزائر أو الملاحظ تجعله في حالة توثب للانقضاض عليه أيضاً.

كيف تتحكم في تلك المخلوقات؟

هناك طريقة بسيطة نستخدمها للتحكم في الأسود، حيث نضع بالقرب منها روث حيوانات، حتى يتوهم الحيوان أن هناك فريسة بالقرب منه، ولذلك يظل منتظراً في مكانه لينقض عليها.

صف لنا طبائع سائر الحيوانات التي تعاملت معها؟

الضباع لا تتناول اللحوم طازجة، حيث تنتظر أن تتحول إلى جيفة، لذلك قد تتناول بقايا طعام الحيوانات المفترسة شريطة أن تكون قد فسدت.

كما أن القطط البرية وبعض الحيوانات الصغيرة تحب المداعبة عند الرقبة والرأس، إلا أنها لا تطيق التطرق إلى البطن، فتعطي إنذاراً في البداية، وإذا تكرر الأمر هاجمت دفاعاً عن نفسها.