2019-08-02
تقول الأسطورة اليونانية القديمة إن هرقل كان يحاول الرضاعة من ثدي «هيرا»، إلا أن بعض حليبها انتثر خارج فمه، الأمر الذي حرمه من الخلود.
تحوّل الحليب المنتثر إلى نجوم وكواكب وأحزمة تُعرف الآن باسم مجرة «درب التبانة».
ثم جاء غاليليو بعد مئات السنوات ليكشف للعالم أن «درب التبانة» ليست سوى تجمع هائل من نجوم كوّنها غبار كوني، فالمجرة المكوّنة من أجرام شديدة الاختلاف في التكوين والسطوع، ما هي إلا ملايين من النجوم المنفصلة والكواكب والكويكبات المنتشرة التي من ضمنها نقطة صغيرة في بحر شاسع تكونت عليه الحياة .. كوكب الأرض.
وطوال السنوات الماضية، عرف العلماء أن مجرة درب التبانة إحدى المجرات الحلزونية ذات المساحة الهائلة تتمتع بمجموعة من الخواص الفيزيائية شديدة التعقيد. قاس الباحثون المسافة من شمسنا إلى آلاف النجوم الفردية المنتشرة عبر درب التبانة، وتمكنوا من الكشف عن مئات الكواكب الصخرية والغازية الموجودة في المجرة والمجرات المجاورة أيضاً.
والآن كشف الباحثون عن خريطة ثلاثية الأبعاد، تكشف عن نطاق أوسع من القرص النجمي الذي يعبّر عن مجرتنا، وهي أول خريطة من نوعها تهدف لتوفير رؤية واسعة لمكاننا بين النجوم، كما تكشف عن مفاجأة جديدة كلياً ألا وهي أن المجرة ليست مسطحة كما كان يُعتقد من قبل، بل مشوهة وملتوية وذات تعقيدات هائلة في مركزها.
وتقول الدراسة المنشورة يوم الجمعة في دورية «ساينس» العلمية الشهيرة إن الاعتقاد الذي يقول إن مجرة درب التبانة تتكون من مجموعة من النجوم على شكل قرص مسطح بمعظم مساحتها، هو اعتقاد خاطئ تماماً، إذ إن المجرة مشوهة إلى حد كبير عند أطرافها، على عكس المجرات الحلزونية الأخرى كمجرة أندروميدا العملاقة التي يمكن رؤيتها بسهولة من خلال التلسكوب.
وقد قام الباحثون في تلك الدراسة بنشر خريطة ثلاثية الأبعاد في غاية الدقة لمجرتنا، وذلك بمساعدة مئات من البيانات المنشورة حديثاً لأنواع مختلفة من النجوم وعلى رأسها النجوم السيفيدية، وهي واحدة من أشهر أنواع النجوم على الإطلاق، كونها أضخم بكثير من الشمس (أصغرها 20 ضعف حجم الشمس وأكبرها يزيد 100 ألف ضعف عن حجم الشمس)، وأكثر إشراقاً من نجمنا بآلاف المرات في بعض الأحيان.تمكن الباحثون من رسم تلك الخريطة عبر النظر إلى سطوع تلك النجوم وفترات نبضها، إذ استخدموا تلك الظواهر كنوع من المقياس الكوني لتحديد مواقع النجوم الأخرى، وبالتالي تحديد الشكل العام للمجرة.وبمتابعة تلك المعلومات، خلص الباحثون إلى أن التشوه الحادث في أطراف المجرة جاء على الأرجح بسبب «عزم الدوران» الناتج عن دورات قلب المجرة الشاسع، ما أدى إلى حدوث تشوه في الأطراف نتيجة تأثرها بالقوى الناجمة عن الدوران.يشرح برزيميك مروز مؤلف الدراسة، لـ «الرؤية»، تفاصيل الاكتشاف الجديد قائلاً: «استقر في اعتقاد العلماء منذ زمن كبير أن مجرة درب التبانة شأنها شأن المجرات الحلزونية الأخرى مسطحة بالكامل، إلا أن المسح الذي قدمته الدراسة يغيّر كلياً ذلك الاعتقاد».
ويقول مروز إن بعض الدراسات تحدثت عن تشوه أطراف المجرة، إلا أن الدراسة الجديدة تكشف بما لا يدع مجالاً للشك أن ذلك التشوه موجود بالفعل، كما أنه وفريقه العلمي تمكنوا من رسم أول خريطة تكشف عن ذلك التشوه وتوضحه وتبين أسبابه.
في تلك الدراسة قام العلماء باستخدام بيانات مستقاة من المراصد الفضائية توضح أماكن ولمعان أكثر من 1400 نجم من النجوم السيفيدية. تلك النجوم تدور حول مركز المجرة مرة واحدة خلال ملايين السنين. وبرصد حركة النجوم ولمعانها تمكن العلماء من تتبع مسارها بدقة، ليظهر التشوه الحادث في أطراف المجرة جلياً.
ويقول مروز في تصريحاته لـ «الرؤية» إن الأمر يتعلق بـ«تأثير الجاذبية» فكلما ابتعدنا عن قلب المجرة تضاءل ذلك التأثير، ولأن معظم النجوم مكونة من ذرات الهيدروجين تميل إلى الالتفاف حول نفسها على شكل ثعبان، وبالتالي تتخذ أشكالاً غريبة ومدارات أغرب، لتكوّن شكلاً لولبياً ملتفاً حول المجرة، مسبباً ذلك التشوه الواضح.
ويرى مروز أن الخريطة الجديدة ثلاثية الأبعاد التي أنجزتها تلك الدراسة ستكون بمثابة «اللبنة الأولى في طريق الفهم الصحيح لشكل مجرتنا»، إذ إنها تكشف على وجه الدقة مكاننا بين النجوم، وهو الأمر الذي قد يؤدي في نهاية المطاف إلى معرفة الكثير عن الخصائص الفيزيائية للمجرة وسينجم عنه التوصل إلى حل معضلة أزلية عنوانها: من نحن، ومن أين جئنا، وكيف سينتهي بنا المطاف.
تحوّل الحليب المنتثر إلى نجوم وكواكب وأحزمة تُعرف الآن باسم مجرة «درب التبانة».
ثم جاء غاليليو بعد مئات السنوات ليكشف للعالم أن «درب التبانة» ليست سوى تجمع هائل من نجوم كوّنها غبار كوني، فالمجرة المكوّنة من أجرام شديدة الاختلاف في التكوين والسطوع، ما هي إلا ملايين من النجوم المنفصلة والكواكب والكويكبات المنتشرة التي من ضمنها نقطة صغيرة في بحر شاسع تكونت عليه الحياة .. كوكب الأرض.
وطوال السنوات الماضية، عرف العلماء أن مجرة درب التبانة إحدى المجرات الحلزونية ذات المساحة الهائلة تتمتع بمجموعة من الخواص الفيزيائية شديدة التعقيد. قاس الباحثون المسافة من شمسنا إلى آلاف النجوم الفردية المنتشرة عبر درب التبانة، وتمكنوا من الكشف عن مئات الكواكب الصخرية والغازية الموجودة في المجرة والمجرات المجاورة أيضاً.
والآن كشف الباحثون عن خريطة ثلاثية الأبعاد، تكشف عن نطاق أوسع من القرص النجمي الذي يعبّر عن مجرتنا، وهي أول خريطة من نوعها تهدف لتوفير رؤية واسعة لمكاننا بين النجوم، كما تكشف عن مفاجأة جديدة كلياً ألا وهي أن المجرة ليست مسطحة كما كان يُعتقد من قبل، بل مشوهة وملتوية وذات تعقيدات هائلة في مركزها.
وتقول الدراسة المنشورة يوم الجمعة في دورية «ساينس» العلمية الشهيرة إن الاعتقاد الذي يقول إن مجرة درب التبانة تتكون من مجموعة من النجوم على شكل قرص مسطح بمعظم مساحتها، هو اعتقاد خاطئ تماماً، إذ إن المجرة مشوهة إلى حد كبير عند أطرافها، على عكس المجرات الحلزونية الأخرى كمجرة أندروميدا العملاقة التي يمكن رؤيتها بسهولة من خلال التلسكوب.
وقد قام الباحثون في تلك الدراسة بنشر خريطة ثلاثية الأبعاد في غاية الدقة لمجرتنا، وذلك بمساعدة مئات من البيانات المنشورة حديثاً لأنواع مختلفة من النجوم وعلى رأسها النجوم السيفيدية، وهي واحدة من أشهر أنواع النجوم على الإطلاق، كونها أضخم بكثير من الشمس (أصغرها 20 ضعف حجم الشمس وأكبرها يزيد 100 ألف ضعف عن حجم الشمس)، وأكثر إشراقاً من نجمنا بآلاف المرات في بعض الأحيان.تمكن الباحثون من رسم تلك الخريطة عبر النظر إلى سطوع تلك النجوم وفترات نبضها، إذ استخدموا تلك الظواهر كنوع من المقياس الكوني لتحديد مواقع النجوم الأخرى، وبالتالي تحديد الشكل العام للمجرة.وبمتابعة تلك المعلومات، خلص الباحثون إلى أن التشوه الحادث في أطراف المجرة جاء على الأرجح بسبب «عزم الدوران» الناتج عن دورات قلب المجرة الشاسع، ما أدى إلى حدوث تشوه في الأطراف نتيجة تأثرها بالقوى الناجمة عن الدوران.يشرح برزيميك مروز مؤلف الدراسة، لـ «الرؤية»، تفاصيل الاكتشاف الجديد قائلاً: «استقر في اعتقاد العلماء منذ زمن كبير أن مجرة درب التبانة شأنها شأن المجرات الحلزونية الأخرى مسطحة بالكامل، إلا أن المسح الذي قدمته الدراسة يغيّر كلياً ذلك الاعتقاد».
ويقول مروز إن بعض الدراسات تحدثت عن تشوه أطراف المجرة، إلا أن الدراسة الجديدة تكشف بما لا يدع مجالاً للشك أن ذلك التشوه موجود بالفعل، كما أنه وفريقه العلمي تمكنوا من رسم أول خريطة تكشف عن ذلك التشوه وتوضحه وتبين أسبابه.
في تلك الدراسة قام العلماء باستخدام بيانات مستقاة من المراصد الفضائية توضح أماكن ولمعان أكثر من 1400 نجم من النجوم السيفيدية. تلك النجوم تدور حول مركز المجرة مرة واحدة خلال ملايين السنين. وبرصد حركة النجوم ولمعانها تمكن العلماء من تتبع مسارها بدقة، ليظهر التشوه الحادث في أطراف المجرة جلياً.
ويقول مروز في تصريحاته لـ «الرؤية» إن الأمر يتعلق بـ«تأثير الجاذبية» فكلما ابتعدنا عن قلب المجرة تضاءل ذلك التأثير، ولأن معظم النجوم مكونة من ذرات الهيدروجين تميل إلى الالتفاف حول نفسها على شكل ثعبان، وبالتالي تتخذ أشكالاً غريبة ومدارات أغرب، لتكوّن شكلاً لولبياً ملتفاً حول المجرة، مسبباً ذلك التشوه الواضح.
ويرى مروز أن الخريطة الجديدة ثلاثية الأبعاد التي أنجزتها تلك الدراسة ستكون بمثابة «اللبنة الأولى في طريق الفهم الصحيح لشكل مجرتنا»، إذ إنها تكشف على وجه الدقة مكاننا بين النجوم، وهو الأمر الذي قد يؤدي في نهاية المطاف إلى معرفة الكثير عن الخصائص الفيزيائية للمجرة وسينجم عنه التوصل إلى حل معضلة أزلية عنوانها: من نحن، ومن أين جئنا، وكيف سينتهي بنا المطاف.