الاثنين - 20 يناير 2025
الاثنين - 20 يناير 2025

إشارات راديو قادمة من عمق الفضاء تصل إلى الأرض والعلماء: قد يكون مصدرها كائنات ذكية

إشارات راديو قادمة من عمق الفضاء تصل إلى الأرض والعلماء: قد يكون مصدرها كائنات ذكية

إشارات راديو قادمة من عمق الفضاء تصل إلى الأرض والعلماء: قد يكون مصدرها كائنات ذكية

في عام 1997 رصد علماء يعملون في مرصد «باركينز» العملاق شرقي أستراليا إشارات غريبة، قالوا إنها جاءت من الفضاء البعيد، من مجرة تبعد عنا مئات السنوات الضوئية.

محّص العلماء طوال 17 عاماً المعلومات الخاصة بتلك الإشارة الراديوية التي استغرقت أجزاء من الثانية، وفي عام 2015 صُدم المجتمع البحثي حين أعلن الباحثون في المرصد أن تلك الإشارة مصدرها جهاز «ميكروويف» أشعله أحد الفنيين بالصدفة أثناء عمل التلسكوب.

كانت الصدمة بالغة والمفاجأة مذهلة، فبعدما انتعشت الآمال الخاصة باحتمالية وجود حضارة أخرى غير معروفة في كوننا البعيد، انتشرت التعليقات الساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي وفي وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، فـ17 عاماً من البحث عن مصدر إشارة لم تكن كافية كي يدرك علماء الفلك أن مصدر تلك الإشارة يقع على بعد أمتار منهم وليس سنوات ضوئية كما كانوا يتوقعون، إلا أن بحثاً جديداً نُشر في دورية «ساينس» العلمية يقول إن تحالفاً علمياً كبيراً يضم باحثين من الولايات المتحدة الأمريكية واليابان


وأستراليا وهولندا والهند تمكنوا من رصد إشارة قادمة بالفعل من الفضاء السحيق، وليس ذلك فحسب، بل تمكنوا أيضاً من تحديد مصدرها وهي مجرة تبعد نحو أربعة مليارات سنة ضوئية عن الأرض.


تعد رشقات الراديو السريعة (FRBs) واحدة من ألغاز الفضاء الرائعة، تم اكتشافها لأول مرة قبل عدة سنوات، وتشبه رشقات نارية قوية من موجات الراديو، وتستمر لجزء صغير بسيط من الثانية. تحدث تلك الرشقات لفترة وجيزة، ما يجعل من الصعب تتبعها ودراستها. ويعلم العلماء أن قوة تلك الموجات كبيرة للغاية ولكنهم لا يعرفون على وجه الدقة من أين تأتي تلك الموجات ولا كيف تحدث.

في تلك الدراسة رصد الباحثون رشقة راديوية واحدة قبل عامين، وفي أثناء حدوثها، ولحسن الحظ، تمكنت بضعة مراصد من رصدها في الوقت ذاته؛ لذا جمع العلماء مجموعة كبيرة للغاية من البيانات واستطاعوا من خلالها إجراء تحليل دقيق ونجحوا في تحديد مصدر الإشارة، وهو مجرة صغيرة تقع على بعد أربعة مليارات سنة ضوئية من كوكب الأرض.

يتساوى تقريباً حجم المجرة التي انبعثت منها الإشارة مع مجرة درب التبانة. وتحوي ملايين النجوم وبلايين الكواكب التي يمكن أن تكون صالحة لنشأة الحياة، حسبما يقول كيث بانستر المعد الأول لتلك الدراسة، والذي يشير في تصريحات خاصة لـ «الرؤية» إلى أن هناك العديد من الفرضيات التي يمكن أن تفسر وجود تلك الإشارة، من ضمنها أن يكون مصدرها «كائنات فضائية ذكية»، غير أنه يعود ويؤكد أن ثمة فرضيات أخرى قد تفسر تلك الرشقات من بينها انفجار النجوم النيوترونية أو المناطق المكتظة بالبلازما والحقول المغناطيسية، مشيراً إلى أن افتراضاً بحجم وجود كائنات ذكية في الكون يحتاج إلى أدلة «ضخمة» لإثباته بشكل حاسم، ومؤكداً أن تلك الأدلة «لا تتوفر حتى الآن لتقطع بوجود الكائنات الذكية، وذلك حسب البيانات التي لدينا كعلماء».إذا كانت تلك الإشارات قادمة من انفجارات نجمية، فما الذي يجعل من المهم دراستها أو حتى تحديد موقعها؟ للإجابة عن ذلك التساؤل، يشرح بانستر في البداية طبيعة تلك الإشارات، فيقول إنها موجات قوية للغاية، إذا صدرت عن الشمس مثلاً، سيغلي سطح الأرض جراء طاقتها. تسافر تلك الموجات بسرعة الضوء، ما يعني أن زمن حدوثها كان في الماضي البعيد حتى قبل وجود الإنسان.

فإذا كانت تلك الموجة قد صدرت من مجرة على بعد أربعة مليارات سنة ضوئية، فهذا يعني أنها سافرت في الفضاء بسرعة الضوء لمدة أربعة مليارات سنة، أي حدثت قبل أن تتواجد حياة على سطح كوكب الأرض أصلاً.

ويقول بانستر إن ما يجعل فرضية انفجار النجوم احتمالية ضعيفة هو أن تلك الإشارات تتكرر باستمرار، ومن المعروف أن انفجار النجم هو حدث كوني فريد يحدث مرة واحدة فقط «وهذا قد ينفي تلك الاحتمالية». هناك سبب آخر لنفي احتمالية الانفجار النجمي كمسؤول عن الرشقات الراديوية السريعة، ألا وهو أن النجم الذي يستطيع بث إشارة بتلك القوة يجب أن يكون شديد اللمعان أكثر من لمعان الشمس بملايين الأضعاف، ما يعني أن التلسكوب القادر على رصد الإشارة يجب أن يكون قادراً بالتبعية على رصد لمعان النجم.

وعن أهمية تلك الدراسة التي أفردت لها دورية «ساينس» غلافها في عدد اليوم، يقول بانستر إن تحديد مصدر الإشارات الراديوية بدقة يجعل العلماء أكثر قدرة على دراستها، فحتى الآن، والكلام لا يزال لمؤلف الدراسة، لا تزال تلك الإشارات مبهمة وعصية على الفهم، وبالتالي فـ «الخطوة الأولى لفهمها هي تحديد مصدرها ثم توجيه عدسات التلسكوبات إلى ذلك المصدر الذي ربما يكشف لنا في المستقبل عن وجود كائنات ذكية أو حضارة راقية قادرة على بث إشارات بتلك القوة عبر مليارات السنوات الضوئية.. كائنات قد لا يكون لها وجود في حاضرنا، وقد تكون اندثرت بفعل كارثة ما.. وقد تكون غير موجودة من الأساس، فحتى الآن جميع الاحتمالات مفتوحة».