2019-08-09
«رحلة العمر» و«حلم المسلم» وصفان ترددا كثيراً في تفاصيل مذكرات العديد من المفكرين والكُتاب الأوروبين الذين اعتنقوا الإسلام عن قناعة وتأمّل وبحث عميق في الفكر والفلسفة الإنسانية، ثم أدوا مناسك الحج.
ويبرز في مقدمة هؤلاء المفكر الألماني المسلم مراد هوفمان صاحب كتاب «رحلة إلى مكة» الذي أسلم عام 1980م ورصد ذكرياته ومشاعره في المشاعر المقدسة عندما أدّى العمرة لأول مرّة في حدود عام 1982م ثم الحجّ عام 1992م.
وأشار هوفمان في كتابه إلى بعض السلوكيات والمظاهر الإيمانية التي تغمر الحجاج وهم متجهون إلى المشاعر المقدسة في مكة المكرمة، سارداً في كتابه قصصاً تشير إلى أهمية الحج في التثاقف والنقاشات المثرية للفكر الإسلامي، ومشيراً إلى أن الحج أشبه بجامعة تضم أصحاب الفكر والعلم.
وفي حرصه على إيراد أدقّ التفاصيل الخاصة بالحاج يشير هوفمان إلى بعض ما يحمله الحاج معه من حاجيات، مستشهداً بنفسه «كل متاع الحاج قطعتا قماش وحافظة غير مخيطة لحمل القرآن الكريم وبعض من الماء ومظلة بيضاء للوقاية من أشعة الشمس وحزام عريض من الجلد غير مخيط وإنما مبرشم لتثبيت المنشفة وبه الجيوب الثلاثة المعتادة التي يستخدم أحدها لحفظ جواز السفر والثاني لحفظ تذكرة الطائرة والثالث لحفظ بعض الأدوية».
وبلغة الافتخار والانتشاء يصف هوفمان مكانة الحاج عندما يرجع لأهله «عندما يعود الحاج إلى منزله يجده قد طلي بلون أخضر، فلا لقب أكاديمياً أو اجتماعياً يضاهي لقب حاج».
من جهته، يقدّم الرحّالة الفرنسي جرفيه كورتلمون في كتاب عن رحلته الأولى لمكة في أواخر القرن الـ 19 وصفاً لوسائل النقل البدائية وقتها فيقول: «كنا نسير وقلوبنا منقبضة، نتقاطع مع القوافل دون أن نتوقف، ومع صفوف من الجمال التي تسير فوق طبقة الرمال السميكة»، لكنه عندما وصل إلى مكة المكرمة شعر بالأمن الذي تنشره روحانية هذه المدينة المقدسة.
ويضيف واصفاً وصوله بداية حدود الحرم «دخلنا حدود الأرض المقدسة فجراً، حيث يوجد عمودان من الإسمنت إشارة إلى حدود الحرم يبتعد بعضهما عن بعض أمتاراً قليلة وهي نقطة بداية تحريم الصيد، إذ بمجرد أن يتجاوز المرء هذه النقطة يحرم عليه قتل أي حيوان بري أو طائر، وفعلاً فقد شاهدنا مع بداية النهار أسراباً كثيرة من الحجل وأماكن كثيرة يقيم فيها طائر خطاف الصحراء وهي تركض أمامنا دون أن تكلّف نفسها عناء الهروب كما هي عادتها عند مرور البشر أمامها لأنهم أصبحوا لا يمثلون في نظرها أي خطر».
أما المفكّر النمساوي ليوبولد فايس الذي غير اسمه بعد إسلامه إلى محمد أسد فيُعدّ الأشهر بين من ألّف عن الإسلام بشكل عام والحج بصفة خاصة، حيث يقدّم في كتابه «الطريق إلى مكة» وصفاً دقيقاً لمراحل رحلته إلى مكة عام 1927م قائلاً: «كنّا ننام الليل تحت صفحة نجوم السماء على الرمال، ونستيقظ في برودة الفجر، كنت أقترب ببطء من نهاية طريقي» واستطرد في الوصف بلغة أدبية راقية حتى يصل إلى وصف تلبية الحجاج وهم يقتربون من جدة محمولين على السفينة «راحت الأصوات تخفت، لا أسمع إلا (لبيك) في عقلي، وخفقان تدفق الدّماء في أذني، كان الدّم يخفق مثل أمواج متتابعة ترتطم بجدار سفينة ويخفق مثلما يخفق صوت ماكينة، كنت أسمع خفقات الماكينة وأشعر بارتجاف سور السفينة وأشمّ دخانها ورائحة زيتها، وأسمع نداء (لبيك اللهم لبيك) صادراً من مئات الحناجر على متن السفينة التي حملتني عند أوّل حجّ لي من ستة أعوام من مصر إلى الجزيرة العربية».
وعندما وصل محمد أسد إلى مكة بدأ في تدوين ملحوظاته ومشاهداته اليومية ومنها وصف النمط العمراني لمكة وجدة.
يقول في أحد مقاطع الكتاب: «كانت بيوت مكة تماثل بيوت جدة بنوافذ غريبة من الأخشاب المعشّقة والشرفات ذات الأسوار، ولكن بدا أنّ الأحجار التي بنيت منها كانت أثقل من الأحجار المرجانية لمباني جدة».
ثم يشير إلى أعداد الحجاج والخدمات التي كانت تقدّم لهم وقتها «أعداد هائلة من الحجاج بملابس الإحرام وأعداد لا تقل عنها ما زالت بملابسها العادية التي تنتمي إلى جميع دول الأرض. سقاؤون يسيرون منحنين يحملون على ظهورهم قِرب الماء الثقيلة أو يحملون عصا غليظة على أكتافهم يتدلى منها من كل ناحية عبوة تستعمل لحمل الماء للسقاية».
ويبرز في مقدمة هؤلاء المفكر الألماني المسلم مراد هوفمان صاحب كتاب «رحلة إلى مكة» الذي أسلم عام 1980م ورصد ذكرياته ومشاعره في المشاعر المقدسة عندما أدّى العمرة لأول مرّة في حدود عام 1982م ثم الحجّ عام 1992م.
وأشار هوفمان في كتابه إلى بعض السلوكيات والمظاهر الإيمانية التي تغمر الحجاج وهم متجهون إلى المشاعر المقدسة في مكة المكرمة، سارداً في كتابه قصصاً تشير إلى أهمية الحج في التثاقف والنقاشات المثرية للفكر الإسلامي، ومشيراً إلى أن الحج أشبه بجامعة تضم أصحاب الفكر والعلم.
وفي حرصه على إيراد أدقّ التفاصيل الخاصة بالحاج يشير هوفمان إلى بعض ما يحمله الحاج معه من حاجيات، مستشهداً بنفسه «كل متاع الحاج قطعتا قماش وحافظة غير مخيطة لحمل القرآن الكريم وبعض من الماء ومظلة بيضاء للوقاية من أشعة الشمس وحزام عريض من الجلد غير مخيط وإنما مبرشم لتثبيت المنشفة وبه الجيوب الثلاثة المعتادة التي يستخدم أحدها لحفظ جواز السفر والثاني لحفظ تذكرة الطائرة والثالث لحفظ بعض الأدوية».
وبلغة الافتخار والانتشاء يصف هوفمان مكانة الحاج عندما يرجع لأهله «عندما يعود الحاج إلى منزله يجده قد طلي بلون أخضر، فلا لقب أكاديمياً أو اجتماعياً يضاهي لقب حاج».
من جهته، يقدّم الرحّالة الفرنسي جرفيه كورتلمون في كتاب عن رحلته الأولى لمكة في أواخر القرن الـ 19 وصفاً لوسائل النقل البدائية وقتها فيقول: «كنا نسير وقلوبنا منقبضة، نتقاطع مع القوافل دون أن نتوقف، ومع صفوف من الجمال التي تسير فوق طبقة الرمال السميكة»، لكنه عندما وصل إلى مكة المكرمة شعر بالأمن الذي تنشره روحانية هذه المدينة المقدسة.
ويضيف واصفاً وصوله بداية حدود الحرم «دخلنا حدود الأرض المقدسة فجراً، حيث يوجد عمودان من الإسمنت إشارة إلى حدود الحرم يبتعد بعضهما عن بعض أمتاراً قليلة وهي نقطة بداية تحريم الصيد، إذ بمجرد أن يتجاوز المرء هذه النقطة يحرم عليه قتل أي حيوان بري أو طائر، وفعلاً فقد شاهدنا مع بداية النهار أسراباً كثيرة من الحجل وأماكن كثيرة يقيم فيها طائر خطاف الصحراء وهي تركض أمامنا دون أن تكلّف نفسها عناء الهروب كما هي عادتها عند مرور البشر أمامها لأنهم أصبحوا لا يمثلون في نظرها أي خطر».
أما المفكّر النمساوي ليوبولد فايس الذي غير اسمه بعد إسلامه إلى محمد أسد فيُعدّ الأشهر بين من ألّف عن الإسلام بشكل عام والحج بصفة خاصة، حيث يقدّم في كتابه «الطريق إلى مكة» وصفاً دقيقاً لمراحل رحلته إلى مكة عام 1927م قائلاً: «كنّا ننام الليل تحت صفحة نجوم السماء على الرمال، ونستيقظ في برودة الفجر، كنت أقترب ببطء من نهاية طريقي» واستطرد في الوصف بلغة أدبية راقية حتى يصل إلى وصف تلبية الحجاج وهم يقتربون من جدة محمولين على السفينة «راحت الأصوات تخفت، لا أسمع إلا (لبيك) في عقلي، وخفقان تدفق الدّماء في أذني، كان الدّم يخفق مثل أمواج متتابعة ترتطم بجدار سفينة ويخفق مثلما يخفق صوت ماكينة، كنت أسمع خفقات الماكينة وأشعر بارتجاف سور السفينة وأشمّ دخانها ورائحة زيتها، وأسمع نداء (لبيك اللهم لبيك) صادراً من مئات الحناجر على متن السفينة التي حملتني عند أوّل حجّ لي من ستة أعوام من مصر إلى الجزيرة العربية».
وعندما وصل محمد أسد إلى مكة بدأ في تدوين ملحوظاته ومشاهداته اليومية ومنها وصف النمط العمراني لمكة وجدة.
يقول في أحد مقاطع الكتاب: «كانت بيوت مكة تماثل بيوت جدة بنوافذ غريبة من الأخشاب المعشّقة والشرفات ذات الأسوار، ولكن بدا أنّ الأحجار التي بنيت منها كانت أثقل من الأحجار المرجانية لمباني جدة».
ثم يشير إلى أعداد الحجاج والخدمات التي كانت تقدّم لهم وقتها «أعداد هائلة من الحجاج بملابس الإحرام وأعداد لا تقل عنها ما زالت بملابسها العادية التي تنتمي إلى جميع دول الأرض. سقاؤون يسيرون منحنين يحملون على ظهورهم قِرب الماء الثقيلة أو يحملون عصا غليظة على أكتافهم يتدلى منها من كل ناحية عبوة تستعمل لحمل الماء للسقاية».