الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

مصبغة سلامة.. شاهد على 120 عاماً من عمر القاهرة

في حي الدرب الأحمر في القاهرة الإسلامية، يحافظ سلامة محمود سلامة الذي يملك واحدة من آخر المصابغ اليدوية في العاصمة المصرية، على حرفته وينقل خبراته من جيل إلى جيل منذ أكثر من 120 عاماً.

في أجواء تعبق ببخار الماء ورائحة الأصباغ الكيميائية، يفكك عمال لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة، الخيوط الطويلة ويضعونها على عصي خشبية ثم يغمرونها في أحواض كبيرة مملوءة بالماء الساخن الممزوج بالألوان.

من القطن إلى الحرير مروراً بالبولييستر أو الصوف، تتعامل المصبغة التي أنشئت في عام 1901، مع "كل أنواع الخيوط" التي تستخدم في صناعة النسيج أو في صناعة الأحذية اليدوية أو في "الكليم" أو السجاد، على ما يقول بفخر محمد كامل الذي يعمل مع والد زوجته منذ 7 سنوات.


ويوضح محمد كامل مراحل العمل قائلاً "نبدأ بتسوية القطن ثم نغمره في الصبغة ونضع عليه بعض الملح لتثبيت اللون وبعد ذلك نصفي الخيوط من الماء قبل أن نعصرها في آلة كهربائية ونعلقها بعد ذلك في الهواء لتجف".


ومن أصل 23 مصبغة يدوية كانت تعمل في العاصمة المصرية، لم تبقَ إلا حفنة من بينها مصبغة سلامة.

ويوضح سلامة أن الزبائن يأتون إلى مصبغته لأنه يستطيع أن يتعامل مع أي كمية من الخيوط صغيرة كانت أم كبيرة. ففي حين أن المصابغ الصناعية تتعامل مع نصف طن من الخيوط كحد أدنى، يستطيع هو أن يصبغ "كيلوغراماً واحداً أو نصف كيلوغرام" حتى.

ويؤكد الرجل البالغ من العمر 83 عاماً أن زبائنه يأتون من كل أنحاء مصر ومن السودان، كما أن هناك سيدة "تأتي إلينا من الولايات المتحدة". لكنه يأسف للمنافسة التي تلقاها صناعة النسيج المصري من المنتجات الصينية المماثلة.

ويقول "في محل شهير في الأزهر، تباع الكنزة الصوف بمقابل 200 جنيه (12.6 دولار) لكن يمكنك أن تجد كنزة مماثلة على الرصيف بصناعة صينية في مقابل 30 جنيها (1.9 دولار)".

وارتفعت أسعار الصبغة التي يستوردها سلامة من كل أنحاء العالم. ولكي يحافظ على سعر مناسب للزبائن، قرر التوقف عن استخدام السولار أو الغاز لتسخين مياه الأحواض وبات يلجأ إلى أعواد الحطب كوقود.

لكن سلامة واثق من أن حرفته "لن تموت أبداً طالما أننا لن نمشي عراة في الشوارع".