الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

محمد العلماء..دبلوماسي فنان لم يلمس الريشة قط

يلقب الشاب الإماراتي محمد العلماء، 29 عاماً، بـ "الدبلوماسي الفنان"، لكونه عاشقاً ومتذوقاً للفن، حيث يؤمن بقدرته التعبيرية في التواصل بين الشعوب من جهة وتدوينه للتاريخ من جهة أخرى، إضافة إلى مهاراته الدبلوماسية المتنوعة.

يعمل العلماء حالياً موظفاً في إكسبو 2020 دبي ضمن مكتب المديرة العامة لـ "مكتب إكسبو 2020 دبي" ريم بنت إبراهيم الهاشمي، وزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي، ويشرف على مشروع الحديقة الفنية الواقعة خلف جناح دولة الإمارات، والمكون من 5 أعمال فنية، ينسق اختيارها برفقة فريق عمل فني.

يؤمن العلماء بأن ممارسة الفن مفتوحة للجميع، وليس بالضرورة ممارستها منذ الصغر، فشغف التعبير الفني موجود بالفطرة داخل كل إنسان، ولكن كيف بدأ هذا الشغف؟ يروي العلماء قصته لـ "الرؤية" قائلاً: "لم تكن لي علاقة نهائية بالفن، ولكنني شاركت ببينالي فينيسيا لإبراز الهوية الإماراتية ضمن الوفد المشارك، وكنت مسؤولاً عن الجناح الإماراتي، فاكتشفت أن الفن جميل ويعبر عن الإنسان وهويته، ومن الممكن توظيفه بتواصل العقول والشعوب، مما دفعني ذلك للمشاركة بمعرض سكة على مدى سنتين متتاليتين".


أعمال فنية


وتابع: "قدمت العمل الأول بمعرض سكة بدبي عام 2018 والثاني 2019، ولكل عمل قصة وهدف مختلفين، فالأول عبارة عن سيارة تُعرف بـ (الدان دان)، وهي سيارة كلاسيكية قديمة معروفة منذ الخمسينات والستينات، ومرتبطة بذكريات الآباء والأجداد ويعتبرونها جزءاً ثميناً من زمنهم الجميل، وكنت أتساءل عن سبب التسمية، فوجدت أنها سُمّيت بذلك نسبة إلى صوتها المرتفع لكونها تعمل على الديزل".

وذكر العلماء أنه وجد السيارة بأعجوبة وقام بزراعة مجموعة من النباتات المرتبطة بالبيئة الإماراتية والتي جعلتها تبدو تحفة تربط بين عناصر الطبيعة وحياة الإنسان الإماراتي عبر نباتات بيئته التي نشأ فيها، مثل: الغاف والسدر والأعشاب المتسلقة، والسيارة القديمة التي ترمز للصناعة البشرية.

وقال: "رغبت أن يكون عملاً فنياً تفاعلياً مع الجمهور، ونبتعد عن الصورة النمطية لعدم لمس العمل الفني كما نرى بالعديد من المعارض الفنية، فجعلت الباب مفتوحاً كي يدخل الزوار السيارة لرؤية الطبيعة والأعشاب والأشجار المزروعة داخل السيارة وبذلك أوصل رسالتي بالعودة للطبيعة وقدرتها على التواصل مع الإنسان".

أما العمل الثاني فهو عبارة عن "اللوحة البيضاء" وهي لوحة كبيرة ضخمة 4*4 متر، ورسمت عليها خريطة العالم بالقلم الرصاص ووضع عليها شريط لاصق، وإلى جانبها وضع 17 لوناً، كل لون يرمز لإحدى الأهداف العالمية للاستدامة منها: إنهاء الفقر، جودة التعليم والمدن المستدامة وغيرها.

وقال: "كنت أرغب بتقديم أهداف التنمية المستدامة للزوار، والتأكيد على دور كل فرد بتحقيق الاستدامة، اعتقد زوار المعرض أنني سأقوم برسم عمل بصورة مباشرة بحضورهم، لكنني طلبت منهم أن يختاروا أحد الألوان المرتبطة بواحدة من أهداف التنمية المستدامة التي تهمهم، كوني أؤمن بمدى تأثير الأفراد على الأرض، وأن يقوموا برش هذا اللون باستخدام الريشة على اللوحة البيضاء، وكنت أعني بتلك العملية ربط كل فرد بأثر يتركه على العالم، فبقيت اللوحة بمعرض سكة على مدى 10 أيام وكان يتغير لونها يوماً بعد يوم، وفي آخر يوم أزلت الشريط اللاصق، فظهرت خريطة العالم موزعة عليها ألوان أهداف الاستدامة، وبذلك يمكنني القول إن العمل كان نتاج تفاعل الجمهور".

يشار إلى أن العلماء يحتفظ بالعمل الأول في بيته وقد تغير شكل السيارة بعد نمو الأشجار، أما العمل الثاني فهو موجود بمكتبة الصفا العامة للفنون والتصميم.

إكسبو 2020

من جهة أخرى، لفت العلماء إلى أن عمله في إكسبو على مشروع إحدى الحدائق يعتبر مسؤولية كبيرة على الرغم من وصفه بأنه مشروع "متواضع" بالمقارنة مع بقية الحدائق، والذي سيراه 25 مليون زائر من 192 دولة خلال 173 يوماً، مشيراً إلى أنه يشرف على التنسيق مع الفنانين الإماراتيين الذين سيقدمون أعمالاً فنية تبرز جماليات الإمارات منذ الماضي، بعيداً عن الصورة النمطية بأنها مجرد صحراء.

وأشار إلى أن تصميم الحديقة مكون من أكثر من غرفة، كلٌّ منها يحكي عن طبيعة التضاريس والنظام البيئي من نباتات وحيوانات في منطقة معينة، إلى جانب ممرات فرعية يرى فيها الزوار الأعمال الفنية، مشيراً إلى أنه ساهم بفكرة كراسي الجلوس بالحديقة بحيث تتخذ هيئة المجلس المعاصر كنوع من محاكاة آداب المجالس لدى البدو القدماء.

وحول مخططاته بترتيب أولويات الفن والعمل حالياً ولاحقاً، قال: "إكسبو مشروع وطني مهم لذلك أمنحه أولويتي الأولى حالياً، ولا أعلم كيف ستكون أولوياتي لاحقاً بعد انتهاء إكسبو".

أما قصته مع لقب "الدبلوماسي الفنان" فقال: "أعتبره لقباً كبيراً بالنسبة لي، فأنا لا أزعم أني فنان حقيقي، وأعتبر نفسي أمتلك أفكاراً فنية ولكنني لم أصل لمرحلة الفنان الحقيقي".

ومن جهةٍ أخرى، تدرج العلماء في مسيرته العلمية فهو حاصل على بكالوريوس في الإدارة المالية، وماجستير بالعلاقات الدولية والشؤون السياسية من جامعة خليفة في أبوظبي، كما تدرّج أيضاً على الصعيد المهني فبدأ بالعمل بقطاع الدفاع، ثم انتقل للبترول، تلاها العمل في قسم العمليات في إكسبو 2020 لمدة عام مما جعله يمتلك خلفية متنوعة بحياته المهنية، أهّلته للعمل بمكتب المدير العام لـ "مكتب إكسبو 2020 دبي".