الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

دبي عاصمة الإعلام العربي.. واقع يتجاوز عام 2020 (3-3)

شيماء يحيى ـ دبي

تواصل «الرؤية» في الجزء الثالث من ملف «دبي عاصمة الإعلام العربي.. واقع يتجاوز عام 2020»، مناقشة أبرز العوامل التي أدت إلى اختيار دبي عاصمة للإعلام العربي، حيث تنهض بدور المظلة، والحاضن الفاعل ليس للمنتمين إلى ساحة الإعلام بميادينه المختلفة فحسب، بل تستضيف عبر مشهدها البانورامي العديد من المؤسسات التي وجدت في بيئتها وبنيتها التحتية المتطورة، المقر الأمثل لنشاطها.

وفي هذا الجزء من الملف، يستعرض إعلاميون مخضرمون لـ«الرؤية» تاريخ ونشأة الإعلام المكتوب والمرئي والمسموع، وكيف كانت عاصمة الإعلام العربي خصوصاً، والإمارات بصفة عامة، مركزاً لجذب تجارب إعلامية رائدة ومؤثرة في أوقات مبكرة من مسيرة الإعلام العربي، عبر مشهد تجاوز صناعة المحتوى الإعلامي، ليمتد إلى احتضان الفنون عموماً، ، وما يرتبط بهذا الواقع، من إتاحة فرص الانطلاق لأسماء باتت ذات شهرة وصدى وتأثير إعلامي كبير، فيما بعد .

وأشاروا إلى أن الإعلام الإماراتي مثّل محوراً مهمة في نشأة أجيال من الإعلاميين والمسرحيين ورواد الفن التشكيلي والأدباء والكتاب المواطنين والعرب الذين تبوؤوا مناصب قيادية في المؤسسات الإعلامية في دولهم، لافتين إلى أن المحتوى الإعلامي المحلي انطلف واضحاً وجريئاً وشكّل ساحة مهمة لمناقشة هموم المجتمع الإماراتي، وقضايا الوطن العربي.

أول جريدة بالإمارات

يعود الكاتب والإعلامي علي عبيد بالذاكرة إلى بداية الصحف في الإمارات، مشيراً إلى أن المؤرخين يرجعونها لأواخر عشرينيات القرن الماضي وبداية الثلاثينيات، حيث كانت صحيفة عمان التي أصدرها إبراهيم محمد المدفع عام 1927 بالشارقة، وتضمنت أخباراً سياسية واجتماعية وكانت تكتب باليد وتعلق على الحائط، وشارك في تحريرها أدباء وشعراء منهم المؤرخ عبدالله بن صالح المطوع، وأحمد بن حديد، ومبارك بن سيف الناخي، وحميد بن عبدالله الكندي، وكانت نصف شهرية صدرت بانتظام لمدة عام واحد.

وأوضح أن عام 1933 شهد محاولة أخرى حينما أصدر شباب في دبي والشارقة نشرة يومية، كانت تحمل اسم (صوت العصافير)، وتخصصت في مناقشة المشاكل بأسلوب لاذع، وفي بداية الخمسينات أصدر مصبح بن عبيد الظاهري نشرة تحمل اسم (النخي)، حيث كان يكتب أخبارها بنفسه على ورق الأكياس ويتطوع لقراءة تلك الصحيفة لمن لا يجيد القراءة والكتابة.

واعتبر ذلك نوعاً من الصحافة الشعبية البدائية، حيث يجتمع الناس في الصباح الباكر حول مقهى شعبي في وسط مدينة العين، ومن خلال حواراتهم وتبادل النقاش تتولد الأخبار فيأخذها الظاهري نقلاً عنهم ثم يعود إلى بيته ليكتبها على ورق الكرتون، وفي الصباح التالي يعلق هذه الصفحات أمام دكانه.

وأشار إلى أن عام 1963 شهد ميلاد نشرة (الديار) وكانت تعنى بمعالجة القضايا المهمة، وتدعو للتعاون ونشر العلم، ثم صدرت بها أول دورية على شكل نشرة (تابلويد) من صفحتين يسجل عليهما التقرير الشهري عن بلدية دبي وأخبار المناقصات وعرفت هذه النشرة باسم (أخبار دبي).

ويتابع: في مارس 1980 أصدرت حكومة دبي مرسوماً بتعطيل المجلة حتى يمكن إصدار (البيان) الصحيفة اليومية بترخيص مجلة (أخبار دبي) الأسبوعية، وفي دبي أيضاً خرجت للنور أول جريدة رسمية في الإمارات عام 1966 وكانت تشبه إلى حد كبير (الوقائع المصرية) واختصت بنشر قرارات الحكومة وإعلاناتها الرسمية عن القوانين والمعاملات البنكية وأخبار حركة الملاحة.

الصحف اليومية

أكد الكاتب المصري يوسف كامل الذي أمضى 40 عاماً في العمل الصحافي بالإمارات، أن الصحافة شهدت منذ الثمانينيات تحولاً نوعياً وكمياً تمثل في الصحف اليومية، حيث ساعدت التركيبة السكانية للمجتمع الإماراتي، على تنوع الرسالة الإعلامية ومضمونها، فظهرت صحيفة (الاتحاد) التي تعد أول دورية يومية تصدر في الإمارات، وقد صدرت في أول الأمر أسبوعية رسمية وكان صدور العدد الأول منها عام 1969، وتلتها صحيفة (الخليج) 1970 على يد الأخوين تريم وعبدالله عمران، ثم ظهرت جريدة البيان في مايو ،1980، وهي جميعها تجارب احتضنت طاقات إعلامية مهمة ومؤثرة.

وأشار إلى أن المحتوى الإعلامي الذي تقدمه الصحف الإماراتية كان واضحاً وجريئاً وشكل ساحة مهمة لمناقشة هموم المجتمع الإماراتي، وقضايا الوطن العربي، وشكلت الصحف نقطة مهمة في ظهور أجيال من الإعلاميين والمسرحيين ورواد الفن التشكيلي والأدباء والكتاب المواطنين والعرب الذين أصبحوا رواداً في كافة مجالات الثقافة داخل الدولة وخارجها، بل كانت نقطة انطلاق جيل من الإعلاميين في عالم النجاح والتميز.

إعلام الشاشة الصغيرة

تعود انطلاقة الإعلام المرئي في الدولة إلى عام 1969، بحسب مدير مركز الأخبار في مؤسسة دبي للإعلام، الدكتور حميد الزعابي، الذي أشار إلى أن تلفزيون أبوظبي جسد انطلاقة هذا القطاع في الإمارات، إذ تزامن افتتاحه مع عيد الجلوس الثالث للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، وبدأ بثه بالأبيض والأسود، ثم تحول في ديسمبر 1974 إلى البث الملون.

وتابع: بعد قيام الاتحاد انضم التلفزيون إلى وزارة الإعلام والثقافة، وأصبح التلفزيون الرسمي للدولة، تحت مسمى «تلفزيون الإمارات العربية المتحدة من أبوظبي».

وأشار إلى أن بث تلفزيون دبي انطلق في سبتمبر 1969، وكان بالأبيض والأسود، ثم جاء قرار الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، بإنشاء التلفزيون الملون، الذي بدأ البث في الأول من سبتمبر 1974، وافتتح رسمياً في الأول من ديسمبر من العام نفسه، ضمن الاحتفالات باليوم الوطني الثالث لدولة الإمارات.

أثير الإذاعة

أكد الإذاعي المعروف عمر الخرجي أن الإمارات سارت في مجال تطوير الإذاعات المحلية بوتيرة متسارعة، حيث كانت إذاعتا دبي وأبوظبي من أهم الإذاعات في الوطن العربي، وكانتا أرشيفاً مهماً لأحداث المنطقة، فساهمتا بشكل كبير في مد إذاعات الكويت عقب الغزو العراقي بكثير من المواد بعد أن احترق الأرشيف الإذاعي الكويتي، كما شهدت المنطقة انتقال أبناء إذاعة دبي لتدريب الأجيال الجديدة في الإذاعات الفتية مثل إذاعة أم القيوين ورأس الخيمة.

وأشار الخرجي إلى أن برامج إذاعة دبي تميزت بالتنوع والتعددية لتخاطب جميع فئات المجتمع، وتتحول فيما بعد صوتاً لهمومهم التي كانت تصل للقادة وكبار المسؤولين، لافتاً إلى أن البث يبدأ يومياً من السابعة صباحاً ويستمر حتى الواحدة بعد منتصف الليل، حيث يعج الأثير بالبرامج الثقافية التي تتيح للمواهب عرض إنتاجاتهم الأدبية والشعرية، وأخرى تهتم بمشاكل سكان الإمارات الصحية والاجتماعية والخدمية.

وأكد الخرجي أن تنوع جنسيات العاملين في الإذاعة انعكس على شكل ومحتوى ومضمون المواد، فقدمت توليفة مميزة من الأصوات الإذاعية الذين انطلقوا منها للتحليق في عالم الأثير.

حاضنة للفن وأهله

ساهم الإعلام الإماراتي في اكتشاف العديد من المواهب المحلية كالمطرب حسين الجسمي ووليد إبراهيم، وكذلك مواهب عربية مثل المطربة المغربية جنات، لتكون عاصمة الإعلام العربي نقطة انطلاقهم إلى عالم الفن والشهرة، بحسب المسؤول عن بث حفلات ليالي دبي بقنوات دبي في أواخر الثمانينات وبداية التسعينات الإعلامي إبراهيم جمعة.

واعتبر قنوات دبي من أوائل القنوات الفضائية التي رسخت لفكرة القنوات المتخصصة، حيث تنوعت بين دبي الرياضية والاقتصادية وقناة دبي وسما دبي المحلية، كما قدمت مجموعة من البرامج التلفزيونية بلغات عدة، إضافة لعرض الأعمال الدرامية العربية بكافة لهجاتها المحلية.

وأشار جمعة إلى أن قنوات دبي قدمت مجموعة من ليالي الفن الغنائية التي كان يتابعها الكثير من مشاهدي الخليج والوطن العربي، حيث كانت تجمع على مدار 30 ليلة كافة نجوم الوطن العربي.