السبت - 08 فبراير 2025
السبت - 08 فبراير 2025

أحمد نجيب.. كفيف يُرشد السائحين إلى أسرار التاريخ الفرعوني

نادية مبروك ـ القاهرة

حول المصري أحمد نجيب الظلام الذي يعيش فيه إلى ميزة ومهنة بعد أن أصبح أول مرشد سياحي كفيف يعمل على توصيل معلومات عن أسرار الحضارة المصرية، بما فيها الفرعونية، للمكفوفين من السائحين، وكذلك المصريين.

في الصف الرابع الابتدائي كان نجيب على موعد مع أولى خطوات رحلته في عالم الظلام، بعد تشخيصه بضمور في العصب البصري، الضمور الذي اتسع لينتهي بصره بصورة كاملة في أوائل حياته الجامعية.



وأوضح نجيب أن أسرته لم تكن على وعي كامل بكيفية احتضان ابن كفيف، مشيراً إلى أنه ورغم تشخيصه بضمور العصب البصري وهو مرض يبدأ بضعف الإبصار وينتهي بفقدانه بالكامل، ألحقته أسرته بمدرسة للمبصرين، ودرس كل المناهج سماعياً دون أي امتيازات من المتاحة للمكفوفين، لافتاً إلى أنه كان يخوض امتحاناته بواسطة مرافق أقل منه في الدرجة التعليمية مثل الطلاب المصابين بكسور في الذراع.

بدأت رحلته مع التاريخ في مرحلة الثانوية العامة، حيث أحب التاريخ على يد مدرسه الذي كان يحمل درجة الدكتوراه في تاريخ العصور الوسطي، وهو ما جعل اهتمامه يزيد بالتاريخ، ليختار بعد الثانوية الالتحاق بكلية الآداب قسم التاريخ.

في حين جاءت رحلته مع المتاحف في الفرقة الثالثة بالجامعة، حين طلبت منه رئيسة القسم الفرنسي بالكلية الالتحاق بدورة تدريبية عن لمس الآثار ينظمها المركز الثقافي الفرنسي، ليذهب باعتبارها رحلة ليكتشف أنه تدريب يعقبه عمل في معرض تحت اسم معرض العطور، يضم عدداً من اللوحات النحاسية التي تدرب أحمد واثنين من زملائه على لمسها وتعليم الأطفال المكفوفين لمسها وشرحها لهم، ليحصل على شهادة خبرة من المركز عن عمله في المعرض.



عقب المعرض، نظم المجلس الأعلى للآثار خيمة صيفية بالمتحف المصري لتدريب المكفوفين على التعامل مع الآثار، وكانت هذه هي المرة الأولى التي يلمس فيها أحمد آثاراً حقيقية، واقتصر عمله على الآثار المصنوعة من الجرانيت أو الشيست أو البازلي لأنها لا تتعرض لعوامل التعرية، أما الآثار المصنوعة من الحجر الجيري أو الرملي فكان الشرح سماعياً ثم لمس مستنسخ من الأثر.

بعدها تدرب أحمد على الشرح لعدد من أبناء مدارس المكفوفين، وتدريبهم على صناعة نماذج من الطين الأسواني.

أثار أحمد وزميل له إعجاب إدارة المتحف المصري وكذلك المسؤولين في المجلس الأعلى للآثار الذين طلبوا من أحمد أن يعمل عقب تخرجه بالمتحف ضمن مدرسة الوعي الأثري للمكفوفين لتبدأ رحلة عمل كمرشد سياحي للمكفوفين في 2003.



كان مشروع الحروف الهيروغليفية وتعليمها للأطفال المكفوفين أهم مشروعات نجيب، حيث طلب من صديقة رسم الحروف على الأوراق ثم أخذها لنجار ليصنعها على الخشب من أجل تعليم الأطفال المكفوفين.

وحول طموحاته أوضح نجيب أنه يطمح إلى أن يكون كل المحتوى الأثري في مصر متاحاً للمكفوفين، خاصة المقابر الأثرية التي لا تتاح سواء للمكفوفين أو غيرهم من أصحاب الهمم لعدم قدرتهم على النزول، مقترحاً أن يكون هناك إلى جانب مدخل كل مقبرة مستنسخ لمحتوياتها ليستطيع هو أو أي شخص لا يستطيع النزول إلى المقبرة أن يعرف محتوياتها.