الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

علي عذاب: أتحدى الخطوط الحمراء بقصص إنسانية «من الواقع»

تمكن الإعلامي العراقي علي عذاب من جذب أنظار العالم إلى برنامجه الإنساني «من الواقع» الذي يعرض على قناة دجلة العراقية، إذ يتحدى فيه كل الظروف والخطوط الحمراء من أجل مساعدة الأطفال والمسنين، فتابعه الجميع ومشاهير العالم العربي الذين تفاعلوا مع حلقاته وقصصه الإنسانية وتحديداً قصة الطفلة اليتيمة فرح.. ومعه كان اللقاء.

  • من المعروف أن نوعية البرنامج الذي تقدمه يثير غضب المسؤولين والجهات الإعلامية وتتعرض لهجوم من أجل بتره وإيقافه. كيف تواجه هذا الأمر؟
  • حقيقة تعرض البرنامج للكثير من المحاولات لأجل إيقافه، كما تصلني وطاقم العمل الكثير من التهديدات اليومية التي أصبحت جزءاً من حياتي. لكن هذه المحاولات زادتني قوة وإصراراً على استمرار البرنامج، وبدأت في مواجهة التهديدات بالمثل، ذلك لأن البرنامج صاحب قضية إنسانية ويجب أن يصل صوت المظلومين والأطفال المعنفين، والإعلام هو الوسيلة الوحيدة لتسليط الضوء عليهم.
  • كيف تؤثر بك كإنسان القصص التي تقوم بتغطيتها والتي تجسد حالات معاناة إنسانية مؤلمة؟
  • أعيش مع هذه الحكايات بكل معنى الكلمة وأتأثر بها أنا إنسان. والناس الذين ألتقي بهم حالاتهم صعبة جداً وصلوا لمرحلة اليأس وفقدان الأمل والبعض منهم فكر في الانتحار، لأنهم محرومون من حقوقهم الإنسانية. لذلك هذه القضايا أرهقتني لكني نذرت نفسي لمساعدتهم وإسعادهم مهما كلفني الأمر.
  • ما أكثر القصص التي أثرت في مسيرتك المهنية؟ وهل تمكنت من خلال عملك من معالجة بعض تلك الحالات؟
  • كل الحلقات التي صورتها أثرت بي وما زالت عالقة في ذاكرتي لأنها آلمتني كثيراً. طبيعة البرنامج تحتم علينا البحث عن قضايا للأسف مؤلمة لحالات إنسانية تعرضوا للغدر من أقرب الناس لهم. وتحديداً حلقة الطفلة اليتيمة فرح ما زالت في ذاكرتي، يومياً أفكر بها لأنها تعرضت لقسوة، تخلت عنها الدنيا وجدّتها هددت برميها في الشارع، ولن أتخلى عنها طوال حياتي حتى تكبر وتحقق حلمها.
  • وما تفاصيل قصة الطفلة فرح التي تعاطف معها الجميع عربياً؟
- قصة الطفلة فرح اليتيمة لم تخطر على البال. لو كانت متشردة في الشارع لربما ما حققت هذا الصدى الإعلامي الكبير. لكن المؤلم بأن تلك الفتاة الصغيرة طردت من منزل جدتها أم والدتها التي أوصتها بها، التي من المفروض أن تكون أمها الثانية وتحرص على رعايتها وليس رميها في الشارع إذا لم آتي لأخذها. والمؤسف أن جدتها وخالها أعطوني إياها دون أن يسألوا أين سأخذها فقط خذها وروح، الأمر الذي تسبب في انهيار الطفلة عندما توجهنا بها إلى دار الأيتام، وكانت تردد «ما يريدوني أنا أحبهم». الحلقة مؤلمة بكل تفاصيلها الطفلة تعلقت بي وتناديني «بابا»، حتى إن فنانة عربية مشهورة عرضت تبني فرح بعد مشاهدة الحلقة.
  • هل تجد دعماً حكومياً أو دعماً من الشركات الكبرى لدعم الحالات الإنسانية التي تلتقيها؟
  • لا يوجد دعم من أي جهة حكومية أو مؤسسية فبرنامج «من الواقع» قائم على جهدنا الشخصي الذاتي، أنا وفريق البرنامج وبعض الأشخاص المقربين وهم أسر عراقية محدودة الدخل. لدينا صندوق عند استلام رواتبنا البسيطة نقوم بوضع نصفها في الصندوق والنصف الباقي لأسرنا، وكل شهر نفتح الصندوق ونحل به مشاكل الحالات الإنسانية نبني بيوتاً ونعالج ونتسوق لهم ملابس وأحذية وطعاماً والكثير من مستلزمات الحياة الطبيعية.
  • هل تعرض برنامجك لمساءلة قانونية أو قبلية بعد عرض حلقة ما؟
  • نعم تعرضنا كثيراً للمساءلات القانونية والقبيلة. إذ إن القضايا في العراق يسودها الطابع العشائري القبلي وهنالك أسس وقوانين يجب تجاوزها في تلك القضايا، انتصاراً للحق والحقيقية، وفي البرنامج طرحنا قضايا تعد خطاً أحمر لكننا تحدينا كل تلك الخطوط وواجهنا تلك القضايا بشجاعة.
  • هل تعرض علي عذاب للشائعات ولتكذيب قصصه التي يقدمها بالبرنامج؟
  • نعم، تعرضت كثيراً للتكذيب في حلقاتي لكن المفاجأة أن من يطلق هذه الشائعات والأقاويل هم زملاء إعلاميون للأسف فشلوا في حياتهم المهنية. ولم يسلطوا الضوء على القضايا الواقعية في العراق. الغيرة والحسد جعلتهم يخرجون عن الوعي ويتحدثون في الأوساط من أجل تكذيب الحلقات التي أقدمها، لكن كلامهم لم يؤثر على هدفي ومساري في مساعدة الناس.
  • لماذا اخترت هذه النوعية من البرامج؟
  • لأني ترعرعت في أسرة فقيرة عاشت الظلم والقسوة والدي تعذب كثيراً من أجل أن يخلق مني ومن أخوتي رجالاً متعلمين لديهم أهداف تخدم وطنهم. ولأني تعايشت في ظروف صعبة قررت أن أتوجه لمثل هذه النوعية من البرامج، التي تساعد الناس. وكنت واعياً تماماً لما سأقدمه ومدركاً أن واجبي أن أحمل هذه الرسالة.
  • ما المخاطر اليومية التي تواجهك خلال تصوير حلقات برنامجك؟
  • المخاطر التي تواجهني يومياً كثيرة، ومنها حينما أدخل المناطق النائية التي لا توجد فيها رقابة أو رادع. ويكون خوفي أكثر على طاقم العمل لأني مسؤول عنهم ومن واجبي أن أحميهم خوفاً من إصابتهم بمكروه.
  • هل تقديمك لبرنامج من الواقع جعلك تكتشف جوانب لم تكن تعلم بوجودها فيك؟
  • نعم، اكتشفت أموراً كثيرة بشخصيتي، منها: حب التحدي، والرأفة، والإنسانية، وحرصي على الاستماع للناس كثيراً وخلق حلول لمشاكلهم مهما كلفني الأمر.
  • ما الحلم الذي ترغب بتحقيقه في حياتك المهنية؟
  • أشعر أن طموحي بلاء، لدي أحلام عظيمة وهدفي في الحياة أن أبني دار أيتام ودار مسنين وذلك لأن تلك الدور في العراق قديمة متآكلة ممتلئة بالأيتام والمسنين ولا يوجد أماكن لاستيعاب البقية.