الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

المسرح الإماراتي يجيب على تساؤلات جمهور «الفجيرة للفنون» بمونودراما «المملوك»

أجاب الفنان الإماراتي الشاب عبدالله الخديم، على سؤال لطالما ردده حضور الدورات المتتابعة لعروض "المونودراما"، التي تشكل محوراً اساسياً لفعاليات مهرجان الفجيرة للفنون، ومضمونه: أين المونودراما الإماراتية، وسط حضور عربي وعالمي طاغ، غاب عنه في كثير من الدورات التمثيل الإماراتي، وذلك بشكل عملي، عبر عرض مسرحية «المملوك»، على مسرح دبا للثقافة والفنون أمس.

ونجح المخرج الذي يجسد الدور الوحيد في العمل أيضاً في إيصال الفكرة من العمل عبر الانفعالات التي ظهرت واضحة على وجه البطل وحركات جسده المتقنة فوق المنصة.

ولاحظ الجمهور الانسجام بين العناصر المسرحية المختلفة، والتي توجتها الموسيقى التي سارت بإيقاع منسجم مع الأحداث وكذلك الحوار الدائر بين المملوك وأحلامه التي تحولت إلى أوهام في النهاية.

وعلى صعيد السينوغرافيا، جاء مشهد الختام مدهشاً وغير متوقع من الناحية البصرية، وبالتأكيد فقد تطلب إنجاز مشهد الحريق وسقوط الستارة السوداء الكثير من التخطيط والترتيب حتى تسقط الستارة فوق البطل تماماً ويظهر كأنه قد صار في داخل الحريق.

واستند العمل الذي ألفه وأخرجه أحمد عبدالله راشد إلى نص الكاتب الراحل، سعد الله ونوس، رأس المملوك جابر وهو نص صعب ينطوي على الكثير من الدلالات والإسقاطات الواقعية.

وشكل العرض الإماراتي المميز حالة من الرضا لدى الجمهور، حيث ظهرت فيه الجهود الكبيرة التي بذلها فريق العمل لتقديم هذا النص الصعب والعميق من الناحية الفكرية ومن جهة العناصر المسرحية، بدءاً من الأداء وصولاً إلى الديكور والإضاءة والخلفية الموسيقية.

وتمكن الخديم منذ المشهد الأول من جذب الجمهور بمهارته في التمثيل والرقص والمناجاة، وذلك عبر إتقان الحركات التي تتناسب مع الموسيقى كما أنه امتلك ناصية الحوار من الناحية اللغوية والصوتية.

وأدى الخديم العمل الصعب والمستند إلى نص إشكالي وعميق من الناحية الفكرية والمعالجة المسرحية، بطريقة رائعة، ما شكل إنجازاً بالنسبة للفرقة الإماراتية التي عبر مخرجها وممثلها عن إمكانات شبابية كبيرة واعدة، نظراً لتصديهما لعمل صعب من هذا النوع.

وتختزل قصة المملوك المطامع الإنسانية، حيث يتحكم الجشع بالإنسان ويأخذه إلى الخطيئة، لكن القدر العادل في النهاية سيكون له بالمرصاد.

ويتزلف المملوك لسيده ويقدم خطة لإيصال رسالته إلى خارج المدينة المحاصرة من أجل طلب النجدة، لكن كل ذلك لم يكن إلا خطة مدروسة منه حتى يصل إلى أبعد من ذلك، وبالفعل يتمكن من الوصول إلى العديد من أحلامه.

واختزل «المملوك» جميع شخصياته عبر أداء الممثل الخديم الحالم بالمجد والقوة والسلطة، وقد استخدم المخرج لأجل التعبير عن ذلك حبلاً يتدلى من سقف المسرح يعتليه بطل العمل ثم يبدأ بالحديث عن أحلامه وجشعه وما يريد تحقيقه، يتأرجح ويتأرجح ويصاب بالاضطراب والخوف رغم اعتقاده أنه أصبح في الأعلى، ثم لا يلبث أن يسقط على الأرض وهو محطم الحلم والجسد.

وبعد سلسلة من الصراعات التي أبرزت تناقضات هذه الشخصية المعقدة، تكون النهاية المحتومة أمامها فيسير الممثل باتجاه نهاية المسرح ويقف صامتاً حيث تنفتح الشاشة عند سقوط الستارة السوداء وتظهر خلفها حرائق ضخمة معلقة عليها بقايا بشر فتأكلها النار وتصبح وقوداً لها، وذلك تأكيد من العمل على انتصار القيم الإنسانية.