الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

سيف بن رشود.. إماراتي يألف وعورة الجبال لـ40 عاماً ويصطاد 5 آلاف أفعى بعصا

فضّل الإماراتي سيف بن رشود، البالغ من العمر 54 عاماً، المعيشة البدائية التي تتسم بالبساطة والهدوء على صخب الحياة المعاصرة، إذ ظل لأكثر من 40 عاماً متمسكاً بالأساليب الحياتية التي عاشها آباؤه وأجداده، عبر تنقله اليومي بخفة بين الأودية والجبال التي عرف أسرارها وتآلف مع صخورها الصلبة، لا شيء معه سوى عصاه التي استعان بها على اصطياد أكثر من 5 آلاف أفعى جبلية، بعد أن تعلم فنون هذه الهواية ليؤمن نفسه من مخاطر الجبال.



جعل بن رشود من عزبته الواقعة بين جبال منطقة الغيل بإمارة رأس الخيمة نقطة انطلاقة لرحلات يومية يقضي فيها ساعات متواصلة من متعة الاكتشاف والتنقل، فيما أضحت هذه العزبة مزاراً للسياح الذين يتوافدون عليها من داخل وخارج الدولة، ليشرح لهم أدوات التراث الجبلي المعروضة فيها والتي ورثها من أجداده.

وأشار "تعلمت تسلق الجبال منذ صغري حين كنت أرافق والدي في رحلاته اليومية التي يقضي فيها الساعات الطويلة بين الجبال لجمع العسل، فاكتشفت أسرار تسلق الجبال بالإضافة إلى بساطة الحياة وهدوئها، فقررت أن أخصص لي عزبة بين

الصخور الجبلية في منطقة الغيل أقضي فيها ساعات من يومي بعيداً عن صخب المدينة وضجيج الحياة المعاصرة، ولتكون هذه العزبة نقطة انطلاق لرحلاتي الجبلية التي أخصص لها ما بين 3 و6 ساعات من يومي أسير في الدروب الوعرة وأتسلق الجبال مكتشفاً أسرارها، زادي الوحيد هو الماء والتمر.



يبدأ «ابن الجبال» الخمسيني، رحلاته الجبلية مع بزوغ فجر كل يوم لا شيء معه سوى عصاه التي يصطاد بها الأفاعي الجبلية ويقتل السام منها.. الهواية التي شغف بتعلمها منذ أكثر من عشرة أعوام، إذ يهوي بطرف عصاه على رأس الأفعى ليشل حركته قبل أن يمسكها بيده، وتمكن خلال هذه الأعوام من معرفة مخابئ الأفاعي بين الصخور وفي جحورها، ما أهله لاصطياد ما يزيد على 5 آلاف أفعى جبلي، معظمها من فصيلة «الغيلان»، وهي غير سامة إلى جانب اصطياده لعدد من الأفاعي السامة.

وحول طرق التفريق بين أنواع الأفاعي الجبلية بمختلف أنواعها، قال بن رشود: «الأفاعي الجبلية السامة 3 أنوع وهي: الحية الحمراء التي يكون لونها مشابهاً للون الصخور التي تعيش بينها، و»مقرنات«وهي التي توجد في رأسها قرنان، وكذلك الأرقط الذي يكون له أكثر من لون، وجميع هذه الأنواع تشترك في صفات مشتركة وهي قصر طولها مقارنة بالأنواع الأخرى من الأفاعي، كما أن ألوانها في الغالب لا تكون موحدة.



وأكسبت وسائل «سوشيال ميديا» بن رشود شهرة واسعة على مستوى الوطن العربي ما جعل عزبته مزاراً للسياح ووسائل الإعلام المختلفة والمهتمين بعالم الجبال الذين يتوافدون إليه لينهلوا من مخزونه المعرفي في التراث الشعبي الجبلي الذي ألم بأسراره منذ الصغر، إذ يصطحب كل من يزوره إلى عزبته التي تحتوي على أدوات بدائية قديمة مثل الربابة والرحى وأدوات العلاج بالطب الشعبي التي كان أجداده يستخدمونها سابقاً، كما يستعرض لزواره خفة حركاته بين الجبال وسرعة تنقله بين صخورها ذات الارتفاعات الشاهقة.



وأكد: «تواصل معي الكثيرون من دول مختلفة بالعالم عبر حسابي على تطبيق إنستغرام من أجل الاستفسار عن تفاصيل تسلق الجبال وطرق اصطياد الأفاعي والصعوبات التي واجهها خلال هذه الرحلات، فيما يوجه لي البعض تحذيرات من مخاطر ارتياد الأودية التي تمتلئ بالمياه في مواسم هطول الأمطار».

ويمتاز بن رشود بروح الفكاهة عبر مقولته الشهيرة «اخدم ابن رشود» التي ورثها من جده ووالده وبقي يرددها إلى يومنا هذا أثناء رحلاته الجبلية، وهي كلمات تدل على العمل والإنجاز، كما أنها تشعل بداخله روح الحماس والتحدي، لإتمام أي عمل مهما كانت صعوبته".



وحول أصعب التحديات التي تواجه بن رشود أثناء رحلاته الجبلية، لفت إلى وجود الأفاعي السامة التي يكون لونها مشابهاً للصخور المختبئة خلفها، قائلاً: تعرضتُ قبل نحو 5 أعوام إلى لدغة من أحدها حين وطأةُ عليها بقدمي دون أن أنتبه لوجودها ما استدعى نقلي للمستشفى وبقائي فيه أكثر من أربعة أيام لتلقي العلاج.

ولا يغفل ابن الجبال الذي أطلق عليه أهالي منطقة الغيل «قلب الأسد» لشجاعته وقوة بأسه، عن المشاركة في المناسبات الوطنية التي تبقى دوماً حاضرة في باله، إذ حرص في يوم العلم على تسلق صخرة جبلية بارتفاع يزيد على 600 متر عن الأرض من أجل رفع علم دولة الإمارات.