الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

في زمن كورونا.. كيف تعظم قيمة الوقت وتستفيد من أوقات الفراغ؟

لعلها تجربة صعبة ومزعجة تلك التي يمر بها العالم في الوقت الراهن من جراء تفشي وباء كورونا، الأمر الذي استلزم بقاء الكثيرين في المنازل، منهم من هو قادر على مباشرة عمله عبر وسائل التواصل الحديثة، ومنهم من لا تسمح طبيعة عمله بذلك، وهناك دول لا سيّما في عالمنا العربي، عرفت فكرة الحظر الكامل، وهناك دول أخرى طبق فيها نظام الحظر الجزئي، وما بين الاثنين يتوافر الوقت بكثرة وسخاء.

المشهد المتقدم يمكن أن يكون نعمة، وبالقدر عينه وللأسف، يرى البعض فيه نقمة، والفارق في واقع الحال هو كيفية النظر، والتعامل مع هذا الوقت الوفير الذي تحصل عليه الكثيرون بشكل مفاجئ ومن غير إعداد مسبق.

في هذه القراءة نحاول سوياً تقديم بعض الأفكار البسيطة التي تُغيّر نظرتك إلى هذه المحنة لتجعل منها منحة:

** ساعات النوم والمناعة الجسمانية

سنوات طوال ربما تكون قد مرّت على الكثيرين منا لم يأخذ فيها القسط الوافر من النوم الهادئ العميق، ذاك الذي تحتاجه أجسامنا في الوقت الراهن، لا سيّما وأن الحياة المعاصرة قد طحنت وسحقت آدميتنا، ففي زمن العولمة المتوحشة جارت ساعات العمل على أوقات الراحة، الأمر الذي حذر ولا يزال منه الأطباء حول العالم، لا سيّما وأن النوم أقل من 8 ساعات متصلة يطلق عليه النوم السلبي، والذي يعجّل بأمراض عضال من عينة السكري، كما أن الإجهاد الزائد يسبب نوعاً من أنواع الزهايمر، وهنا فإن الوضع الحالي الذي يتطلب البقاء في المنزل في محاولة لحصر تفشي الكورونا، ربما يكون مفيداً أول الأمر للبدن البشري.

** الأفق الروحي.. أدعية وصلوات

طويلاً جداً قادتنا الطموحات المادية، لا سيّما في أزمنة الرأسمالية المتوحشة والنيوليبرالية الاقتصادية النهمة إلى تغليب الأنماط الاستهلاكية، وعليه فقد بات الشغل الشاغل الأكبر لجميعنا هو تحصيل أكبر قدر من المداخيل المالية من أجل إنفاقها، وتحقيق أكبر قدر ممكن من الإشباع الجسدي على حساب تقليص كل المساحات المهمة للروح.

في أوقات الفراغ والحظر، هناك مجال طيب جداً للعودة إلى دائرة الأفق الروحي الذي فقدنا أثرها منذ زمن بعيد، وفي أوقات المحن والبلايا يصبح الدعاء أفضل طريق إلى الله.

** الأسرة وتماسك النسيج الاجتماعي

الوجه الآخر للتقدم التكنولوجي والأتمتة، عطفاً على سيادة أنظمة التواصل الاجتماعي، وسطوة العالم الماورائي، والفضاء الإلكتروني، تمثل في ضعف الروابط الأسرية، فلم يعد هناك مجال للقاء الأسرة، وهنا تأتي هذه الأوقات التي وفرتها كورونا، لعلها تعيد للنسيج الاجتماعي الأسري شيئاً ما من الرصيد الإنساني الذي فقدته في العقدين الماضيين.

** تخلص من الأشياء المتراكمة

دائماً ما تتراكم الأشياء في حياتنا، ومن الخطوات الأساسية لتبسيط حياتنا هي مواجهة هذه الأشياء.

تعتبر الأشياء المتراكمة تعقيداً في حد ذاتها، وكلما زادت الأشياء وتنوعت عناصرها أصبحت أكثر تعقيداً، فلا تعجب إذا عرفت أن بعض الأبحاث قد وجدت علاقة بين أمراض القلب وبين هذه الأشياء التي تتكدس.

** تعلم نسق العمل من المنزل

أفرزت تطورات مشهد هذا الفيروس طرحاً إجبارياً يتعلق بالعمل من المنزل، هنا وبمجرد أن تتخذ قرار البدء في إدارة عمل من المنزل، سيكون أكبر قرار تتخذه هو اختيار المكان الذي ستضع به مكتبك، ويفترض أن يكون لديك أكثر من مكان للاختيار من بينها.

لكن على أرض الواقع قد تكون مجالات الاختيار لديك محدودة، فمن المهم إيجاد مكان هادئ، وألا يكون مكاناً يستخدمه أفراد أسرتك كثيراً خلال اليوم في حركتهم في المنزل.

لذا فأول اختيار لك لا بُدَّ أن يكون مكاناً مخصصاً لك، ولك وحدك، حاول استخدام البدروم، أو الجأ إلى العلية، وربما تستطيع وضع مكتب صغير في غرفة نوم إضافية، او استغلال جزء من صالة العام كمان للعمل من خلاله.

** راجع خطط حياتك وراقب تعلمك

تدفعنا الحياة اليومية إلى ذات الطريق، ولهذا لا تتوفر لنا فرصة نخلوا فيها لعمق أعماق أنفسنا ونراجع أوراق حياتنا، ونحاول اكتساب الجديد من الأفكار ونتعلم المزيد من الأشياء.

العالم مكان كبير، ولهذا فإنه من المهم أن تتعلم كيف تعثر على المعلومات التي ستضعك على الطريق الصحيح، وتجعل أوقاتك أكثر متعة وبعيداً عن الملل.

الوقت فرصة ثمينة لكي تعرف، والمعرفة كنز، للذين يجيدون استخدامه، فاستغل الوقت وتعرّف على ما كنت تجهله من قبل.

** القراءة دوماً مصنع العباقرة

حين تتبع سير عظماء البشرية تجد أن وراء كل منهم حشداً كبيراً من الكتب قرأها، ونجد أن شغف القراءة هو السمة المميزة لطفولتهم وحياتهم.

كانت الكتب هي القوة التي فجرت العبقرية فيهم، وكانت مصدراً إلهاماً عقلياً وفكرياً لأولئك الذين قادوا حياة الناس وساهموا في تقدم العالم.

وفي أوقات الملل التي قد تشعر بها وأنت وراء جدران منزلك، ويخيل إليك أنك حبيس، يمكنك أن تحول النقمة إلى نعمة، فكم كتاباً اشتريته ولم يقدر لك أن تقلب أوراقه، وكم من مجلة أحببت مطالعتها لكن إنهاك العمل من جهة، وإشغال الأسرة من جهة ثانية منعك عن هذا وذاك، وها هو الوقت قد توافر لك.

** عزز خيارات الاستماع المتاحة

اقتطع التلفاز من أوقاتنا كثيراً من الوقت، وقليلاً ما يكون هناك مردود غير التسلية من وراء متابعة الأفلام والمسلسلات.

الاستماع أمر مختلف بالكلية، إذ يمكنك تحويل أوقات الملل إلى أوقات استفادة معظمة، فهناك الكثير والمفيد الذي تستطيع الاستماع إليه، فعلى سبيل المثال: توجد الكثير من الكتب التي تم تفريغها في صورة شريط مسموع، فتستطيع متابعة ما ترغب من كتب بهذه الطريقة، بواسطة اللجوء إلى المكتبات العامة ومواقعها على شبكة الإنترنت، وتستطيع تنمية مجموعة مختلفة من المهارات الشخصية بواسطة الاستماع إلى شرائط التنمية الذاتية، وكذلك بإمكانك تعلم لغات جديدة.

** فرصة لاتباع نظام غذائي سليم

لطالما كانت أوقات العمل السريع والضغط العصبي حائلاً دوننا والحصول على نظام تغذية سليم، ولربما تجئ هذه الأوقات لنراجع ركناً من أهم أركان الحياة السليمة أي التغذية، وإعادة الاعتبار إلى مسألة التغذية السليمة، وهي ليست إشكالية، وما عليك سوى اتباع القواعد الصحية.

اجعل الهرم الغذائي رفيقاً لك، فالهرم الغذائي الإرشادي الذي يعج بالعديد من تصنيفات الأغذية، أصبح المعيار الأساسي للتغذية السليمة، ويشير هذا الهرم إلى أهمية الحصول على الخليط اللازم من النشويات والكربوهيدرات، من الفواكه والخضروات، ومن الألياف والسكريات.

** اجعل للرياضة نصيباً من يومك

تكاد الرياضة أن تكون الفريضة الغائبة في عالمنا المعاصر للكثيرين، وغالباً ما نمازح بعضنا بشأن زيادة الوزن، وفي الواقع فإن زيادة الوزن وعدم التمتع باللياقة البدنية لا يعدان مدعاة للضحك، فكلا العاملين يضعان الإنسان في خطر الإصابة بمجموعة من المشكلات الصحية، بما فيها أمراض القلب.

هنا يقول قائل: وكيف نمارس الرياضة في ظل الحظر؟

باختصار شديد، وحتى إذا لم تتوافر لديك أدوات رياضية في المنزل، فإن بعض التمارين السويدية الخفيفة كافية لأن تنشط دورتك الدموية.

أخيراً، في ظل كل هذا الكم من الفرص الذهبية المتاحة أمامنا، هل نتعلم كيف نجعل من أوقاتنا الحاضرة نعمة لا نقمة؟